صفحة جديدة من “الصدام” فتحها حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي، مع وزارة الداخلية، بعد “واقعة والي الرباط” التي أظهرت وجود صراع “خفي” بين الحزب والوزارة تطور مع اقتراب موعد الانتخابات، بعدما كان يأخذ أشكالا متعددة في السابق من قبيل منع تجمعات واختلافات انتخابية.
ومؤخرا، اندلع صراع حاد بين محمد اليعقوبي، والي جهة الرباط سلا القنيطرة عامل عمالة الرباط، والعمدة محمد صديقي، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، وذلك بسبب إحداث مرائب تحت أرضية بشارع محمد الخامس وسط العاصمة وشركة للتنمية المحلية لتدبير المساحات الخضراء.
وتمثل “واقعة والي الرباط” “سابقة” في علاقة حزب العدالة والتنمية مع وزارة الداخلية، حيث أماطت اللثام عن طبيعة العلاقة المتشنجة التي تجمع بينهما، وأعادت إلى الأذهان عديدا من القرارات التي تعكس “سوء الفهم” الكبير بينهما، من قبيل الاعتراض على أنشطة الحزب طوال سنوات ولايتيه الحكوميتين الحالية والسابقة.
ولا يتوقف الجدال الداخلي في حزب “العدالة والتنمية”؛ فمن رهان مواجهة الدعوات إلى تعديل القاسم الانتخابي والاستعداد لتشريعيات 2021، يبدو أن مشكلا آخر سينضاف إلى قائمة “التحديات” التي ستعرقل سير الحزب صوب حكومة 2021، والأمر يتعلق هنا بمواجهة وزارة الداخلية.
وحاول حزب العدالة والتنمية جاهدا في إطار صراعه مع وزارة الداخلية إنهاء احتكارها لمهمة الإشراف على الانتخابات، حيث ظل هذا المطلب يطرح في نقاشات الحزب منذ سنوات المعارضة، قبل أن يتحقق جزء منه خلال انتخابات 2016، عندما ترأس وزير العدل آنذاك مصطفى الرميد لجنة الانتخابات إلى جانب “الداخلية”.
وقال المحلل السياسي كريم عايش إن “الأوضاع الداخلية والخارجية لحزب العدالة والتنمية صارت لا تبشر بالخير، بسبب الانقسامات والمجابهات بين فرقاء الداخل وشركاء الخارج دون الحديث عن خصوم الأمس واليوم الذين صاروا منخرطين في بناء تكتلات سياسية استعدادا للاستحقاقات المقبلة”.
ووقف الباحث ذاته عند ما اعتبره “توترا صامتا بين وزارة الداخلية والحزب الإسلامي، تجلت مظاهره في الرسالة الجوابية الأخيرة التي لم تكن من مزاج الحزب وصار ينعت الداخلية بالتحكم والتسلط ارتباطا بسلطة الوصاية وفقا لقانون الجماعات الترابية الأخير”، مبرزا أن “الخطاب السياسي للحزب صار يصوب تعقيباته الحادة في كل الاتجاهات”.
وتابع عايش بأن “الحزب أصبح يواجه جبهات متعددة، وصار باديا للعيان أن توتراته الداخلية صارت تنعكس على علاقاته في الساحة السياسية، سواء تدبيرا أو تنظيميا، مما يفتح الأبواب أمام أسئلة كثيرة حول مآل الاستراتيجية السياسية التي اعتمدها الحزب بعد دخوله الحكومة، وحول الآفاق التي تنتظره قبيل وبعد الانتخابات، وما إذا كانت هذه الأحداث التي عاشها ستؤثر عليه”.
واستحضر الباحث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، رغبة جناح داخل “البيجيدي” بالنكوص والتراجع عن مواقف تتعارض مع شعارات الحزب وأرضيته الايديولوجية، موردا في رصده لمآل المخاض الذي يشهده الحزب أن “مستقبل العلاقة ما بين الذراع الدعوي والهياكل السياسية للحزب، وهو ربما أحد السبيلين، إما تشقق وتصدع وتفرق المكونات باستقلال كل منها بنفسه في إطار بنيات سياسية جديدة”، أو “سيطرة أغلبية قد توجه الحزب إلى أحد الطريقين: انفتاح أكثر وتبني فكر ليبرالي تقدمي، أو العودة إلى البدايات والجذور والتمسك بإيديولوجيات الثمانينات والتكتل خلف الرافد الإسلامي”.