دعت الحكومة الجزائرية جميع العمال إلى “التحلي بروح الـمسؤولية وتفادي الوقوع في فخ أولئك الذين يريدون نشر الفوضى في البلاد”، مؤكدة عزمها على مواصلة الحوار مع ممثليهم “دعما للسلم الاجتماعي”، وكذلك “التصدي بحزم لكل الـمحاولات التي تستهدف الـمساس بالنظام العام”.

وفي هذا الإطار قال أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، إنه “في كل مرة تنفجر أزمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية يلجأ النظام الجزائري إلى فزاعة المؤامرة التي تقودها أقلية من خارج الوطن، وما إلى ذلك من مواويل البروباغندا التي كانت صالحة في سبعينيات القرن الماضي”، وفق تعبيره.

وأضاف نور الدين، ضمن تصريح لهسبريس: “إذا فككنا مفردات بلاغات النظام سيتضح أن التضليل هو ما يمارسه جنرالات الجزائر”، متسائلا: “فعن أية أقلية تخريبية ومضللة يتحدث النظام الجزائري والعالم كله يشاهد ومنذ سنتين مظاهرات مليونية للشعب الجزائري الذي يطالب كل يوم جمعة وفي كل المدن الجزائرية بإسقاط النظام؟ فهل يصدق الناس ملايين الجزائريين من كل أطياف المجتمع، شبابا وشيبا ومثقفين وعمالا وطلبة وقدماء الحركة الوطنية وجيش التحرير، أم سيصدقون العصابات الحاكمة كما يسميها الحراك الشعبي؟!”.

وتابع الخبير ذاته: “لا أدل على ذلك من وصول الأزمة إلى قلب وزارة الداخلية، إذ خرج رجال المطافئ للاحتجاج على تردي أوضاعهم. ولا بد من التذكير أيضا بخروج متقاعدي الجيش الجزائري سنة 2018 ثم 2020. وقد شملت الإضرابات قبل جائحة كوفيد19 معظم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، من أطباء وأستاذة التعليم بكل أسلاكه، وشركة الطيران والنقل والموانئ وغيرها. لقد كان الحراك تتويجا لسنوات من الاحتجاجات النقابية والاجتماعية التي لم تنقطع منذ 2014”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “الحديث عن أقلية أو عن تدخل من خارج الوطن هو بمثابة الغربال الذي لا يمكن أن يغطي شمس الأزمات المركبة والمعقدة التي تهز أركان النظام على كل المستويات”.

أما التهديد الذي أصدرته السلطات الجزائرية لمواجهة الإضرابات فقال عنه نور الدين إنه “تعبير عن عجزها عن إيجاد مخرج للمأزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تتخبط فيه، مع انهيار العملة الجزائرية والقدرة الشرائية ومدخرات الخزينة العامة ونقص في السيولة النقدية واستمرار تدني أسعار النفط، ونقص المواد الأساسية من زيت وحليب، وارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ بالإضافة إلى مقاطعة غالبية الشعب للاستحقاقات الرئاسية والدستورية، ودعوة كل أحزاب المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المبرمجة في الشهر المقبل (يونيو 2021)”.

كما أشار المتحدث إلى أن “كل ذلك سيدفع بالحرس القديم إلى تشديد القبضة الحديدية كورقة أخيرة بيد النظام، ولكنها مغامرة قد تؤدي إلى تفجير الوضع، وربما يكون ذلك هدفا مقصودا للدفع نحو العنف ولتبرير القمع وعسكرة الشارع وإعلان حالة الطوارئ”، وزاد: “بدت بوادر ذلك في الإعلام الرسمي الذي يروج لاعتقال أشخاص في الحراك وبحوزتهم متفجرات، أو لهم علاقة بالإرهاب، وغيرها من الروايات والقصص التي أتقنتها المخابرات العسكرية خلال العشرية السوداء”.

وختم الخبير حديثه بالقول: “ربما يشكل إطلاق سراح الجنرال توفيق والجنرال طرطاق، مهندسي تلك الحقبة السوداء، مقدمة لمنعطف دموي في التعامل مع الحراك السلمي الذي أثبت تجذره الشعبي واستعصاءه عن الترويض”.

hespress.com