السبت 17 أبريل 2021 – 09:36
غلبت العفوية على وسائل الإعلام الوطنية وهي تحتفي بالبيان الذي صدر مؤخرا عن حزب الأغلبية في فرنسا، والذي أعلن من خلاله عن تأسيس فرعين له بالداخلة وأكادير، حسب ما أكدته النائبة البرلمانية ماري كريستين فيردير جوكلاس، نائبة رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية، والمتحدثة باسم فريق حزب الجمهورية إلى الأمام في الجمعية الوطنية، وزميلها جواد بوسكوران، محاور الحزب بالمغرب العربي وغرب إفريقيا.
“الجنازة كبيرة والميت فأر”، كما يقول المغاربة، لأن الأمر لم يكن في الواقع سوى كلام شاعري، هدفه دغدغة عواطف المغاربة، الذين سيعتقدون أن افتتاح فرع لحزب ماكرون بالداخلة مقدمة لخطوة كبرى، هي خطوة الاعتراف الفرنسي الكامل بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، على غرار الخطوة الأمريكية. غير أن الدولة الفرنسية، العميقة والسطحية، لا تزال تضع رأسها في التراب، وربما يوجد بين المسؤولين الفرنسيين من يمني النفس بتراجع أمريكي.
بعض المغاربة يتكلمون الفرنسية أحسن من بعض الفرنسيين، وتحتل اللغة الفرنسية في المغرب مكانة متقدمة في كل المعاملات الإدارية والاقتصادية، غير أن فرنسا اعتادت أن تأخذ ولا تعطي، اعتادت أن تصدر إلينا سياراتها، وتستنزف جيوب المغاربة في إطار صفقات التدبير المفوض، والوضع المتقدم، واتفاقيات التبادل الحر.. نحن نمد إليها اللقمة، وهي تشهر في وجوهنا براغماتية رديئة، وبعض الفرنسيين ما زالوا يتصورون المغرب كما لو أنه قرية كبيرة، لا توجد فيها إلا العربات المجرورة، ورجال المخزن يقفون عند بوابات القياد.. ومن يشكك في هذه الصورة ما عليه إلا أن يفتح أذنيه على ما يتردد على لسان بعض الفرنسيين، في الإذاعات الفرنسية، الذين يناقشون التدبير المغربي لجائحة “كورونا” بامتعاض كبير، ويتساءلون كيف لهذا البلد الإفريقي الصغير أن يوفر اللقاح لمواطنيه، بينما تعجز حكومة فرنسا عن فعل ذلك.
يمكن للمغرب أن يكون بلدا صغيرا، لكنه نجح في تدبير الجائحة بطريقة أفضل من الطريقة الفرنسية، ولا مجال للحديث عن أي تقدم فرنسي في هذا المجال، ففرنسا التي تنفش ريشها أمام المغرب، لم تستطع توفير اللقاح لمواطنيها، ولم تستطع تدبير الجائحة من الناحية الصحية. وباستثناء توزيع مخزون “الكلوروكين”، لم يستطع العلماء الفرنسيون اختراع أي إضافة لمقاومة فيروس “كوفيد- 19″، وطبعا لا مجال للحديث عن أي اختراع متعلق باللقاح في فرنسا، باستثناء الفقاعات الإعلامية، التي تؤكد أن فرنسا تشهد حركية إلى الوراء، وليس إلى الأمام..
يقول كثير من الخبراء، الذين ينهلون من المحبرة الفرنكفونية، إن فرنسا شريك استراتيجي للمغرب، لكن المتغيرات الجديدة والتردد الفرنسي في دعم قضية المغاربة الأولى يفرضان مراجعة الحسابات القديمة، والانفتاح على شركاء آخرين أكثر صدقا، وأكثر قوة.