تحرّك الجيش الجزائري من جديد صوب أكثر المناطق “توتّرا” وجذباً للجماعات المسلحة جنوب المغرب، بقيادة سعيد شنقريحة، قائد هيئة أركان الجيش الجزائري، الذي ترأس تمارين عسكرية في المنطقة العسكرية الثّالثة في تندوف، بالقرب من الحدود المغربية، وهي تمارين استخدمت فيها الذخيرة الحية.
وهذه المرة الثانية التي يزور فيها قائد الجيش الجزائري منطقة “تندوف” على الحدود مع المغرب، حيث حضر التمارين العسكرية مرتديا زيه الرّسمي، وصرح بأن “القوات المسلحة الجزائرية جاهزة لكي تحمي أرضها وشعبها من مصادر التهديد مختلفة الأوجه ومتعددة الأبعاد”، وتواجه “كافة التحديات مهما كانت طبيعتها”.
ورغم الاضطراب الداخلي الذي تشهده الجزائر مع توالي تفكك ألوية النظام العسكري باعتقال جنرالات وقيادات سابقة في المخابرات الخارجية والداخلية، أصر شنقريحة على حضور المناورات على الحدود مع المغرب، كما عاين تمارين تتعلق بالتحضير القتالي، قال إنها “تخدم مصلحة الجزائر العليا ووحدتها وسيادتها واستقلالها وأمنها واستقرارها”.
وأضاف شنقريحة، أمس الأحد، من تندوف على الحدود مع المغرب، إن “كافة المخططات المعادية والمناورات الخسيسة ستفشل اليوم وغدا”، مشددا خلال تفقده الوحدات القتالية وهياكل القوات المسلحة الجزائرية في تندوف بولاية بشار، على أن “تأمين كافة حدودنا الوطنية” قد تحقق “وفقا لاستراتيجية متكاملة ومقاربة شاملة تم تجسيدها بحذافيرها على أرض الواقع”.
ويأتي تلويح قائد الجيش الجزائري بالحرب بعدما تلقت جبهة البوليساريو الانفصالية وداعموها بالمنطقة ضربات دبلوماسية موجعة؛ من خلال نجاح الجيش المغربي في تحرير معبر الكركرات وتلقيه إشادات دولية واسعة، ثم بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وأيضا بعد المؤتمر الدولي الوازن الذي نظمته واشنطن والرباط لدعم مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية.
محمد الطيار، باحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، اعتبر أنّ “زيارة شنقريحة إلى المنطقة العسكرية الثالثة بالقرب من الحدود المغربية تكذب مزاعم الآلة الإعلامية للبوليساريو والجزائر بأن هناك حربا تجري بين الانفصاليين والقوات المسلحة الملكية بقطاع المحبس”، مبرزا أن “الناحية العسكرية الثالثة دائما ما كانت منصة لإصدار وإبراز النوايا العدائية تجاه المملكة”.
وقال الأستاذ الجامعي، في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، إن “الزيارات الميدانية إلى قطاع تندوف كانت تشكل فرصة لمهاجمة المغرب ووحدته الترابية، سواء تعلق الأمر بقائد الجيش الحالي أو السابق”، مضيفا أن “قايد صالح زار مرات عدة المنطقة العسكرية الثالثة وألقى خطابات عدائية من تندوف، كما يقوم حاليا خليفته شنقريحة بالدور العسكري نفسه”.
وكشف الطيار أن “زيارة شنقريحة إلى تندوف تأتي في سياق داخلي مأزوم وموسوم بعدم الاستقرار، بحيث بلغ الصّراع مع جناح قايد صالح أوجه؛ إذ تمت إقالة مجموعة من العسكريين البارزين الذين يشغلون مناصب كبيرة في جهاز المخابرات الداخلية والخارجية، كما تمت إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي”.
وشدد الجامعي ذاته على أن “الجيش الجزائري يحاول كبت الشارع المنتفض باستغلال ورقة الإرهاب والجماعات المسلحة”، موردا أن “التداريب العسكرية هي تداريب روتينية تحاول أن تبرز للجانب الداخلي أن هناك تحديات أمنية على الحدود يجب مواجهتها بالحزم المطلوب”.