تعيش دولة الهند على وقع مشاهد يومية مرعبة جراء خروج الوضع الوبائي عن السيطرة نتيجة عودة الحياة الطبيعية والسماح بإقامة المهرجانات الدينية “الهندوسية” على الرغم من ظهور سلالات جديدة من الفيروس، بما في ذلك سلالة “متحولة مزدوجة”.
وبعدما كانت أكبر مصنع للقاحات في العالم، تحولت الهند إلى أخطر بؤرة وبائية تحتاج إلى مساعدات دولية. وبحسب السلطات الهندية، فقد جرى تسجيل رقم قياسي بلغت 386452 حالة إصابة بكورونا اليوم الجمعة، في الوقت الذي وصل فيه عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس إلى 3498 خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وتعتبر الهند البلد الأكثر اكتظاظا في العالم بالسكان، وهي رابع دولة من حيث الوفيات وتتجه لتصبح الأولى بسبب متحور كوفيد-19 الهندي، الذي رصد في 17 دولة أخرى وبات يثير الرعب في العالم.
تسونامي الموت
تصف فدوى الفجري، مغربية مقيمة في مومباي، وهي المدينة الأكثر تضررا من الوباء، الوضع في الهند بالكارثي والمعقد، حيث يعم الخوف جميع السكان وتنتشر رائحة الموت في كل مكان.
وقالت فدوى، في تصريح لهسبريس، إن حياتها انقلبت رأسا على عقب بعد خروج الوضع الوبائي عن السيطرة، موردة: “لا نُغادر البيت نهائياً. ممنوع حتى أن تفتح باب منزلك، وما تحتاجه من طعام يجب أن تطلبه عن طريق الإنترنت إلى حين وصوله”.
وأوضحت المتحدثة أن مومباي، العاصمة الاقتصادية للهند، هي المدينة الأكثر تضررا من الموجة الوبائية إلى جانب نيودلهي العاصمة الإدارية، مشيرة إلى نفاد الأكسجين الطبي في جميع المستشفيات وغياب أسرة الإنعاش، وهو ما يهدد ليس فقط المصابين بالوباء بل أيضا المرضى بأمراض أخرى.
“الموت هنا في كل مكان جراء نفاد مخزون الأكسجين، ما يجعل الوضع الصحي في الهند كارثياً”، تورد فدوى التي عزت أسباب خروج الوضع عن السيطرة إلى التسيب الذي شهدته الهند على مستوى احترام الإجراءات الوقائية بمجرد تسجيل تراجع في معدل الإصابات اليومية.
وأفادت بأن القطرة التي أفاضت الكأس، هي “إقامة التجمعات الدينية، حيث سمحت السلطات الهندية مؤخرا في مومباي بإقامة مهرجان للهندوس حج إليه ما يزيد عن 10 ملايين شخص دون ارتداء الكمامات أو تباعد جسدي”.
ونبهت المغربية المقيمة في الهند، انطلاقا من التجربة التي عاشتها، إلى خطورة تعايش المواطنين مع الفيروس، قائلة: “كنا نعتقد أن الوباء اللعين قد رحل قبل أشهر قبل أن يعود أشد فتكا، وها نحن اليوم محاصرون داخل منازلنا وعائلاتنا في المغرب تعيش كذلك على وقع الخوف والرعب وتطلب منا العودة إلى الوطن، لكن حتى الرحلات تم تعليقها”.
وفي مدينة بوني الهندية لا يختلف الوضع كذلك عن مومباي؛ إذ تحكي فاطمة، وهي مغربية مقيمة هناك، أن الكثير من أهالي المرضى لجؤوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي للبحث عن مستشفيات فيها أماكن شاغرة وتملك إمدادات من الأكسجين لمعالجة ذويهم.
وقالت فاطمة، في حديثها مع هسبريس، إن الإقامة التي تسكن فيها تحولت إلى بؤرة وبائية بعد إصابة أربع عائلات، مشيرة إلى أن “الناس مجبرون على تلقي العلاج داخل منازلهم بعدما أغرقت المستشفيات بالمصابين وباتت المحارق تعمل بكامل طاقتها للتخلص من الجثث”.
وأردفت المتحدثة أن “العلاج داخل المنازل يعد مهمة صعبة كذلك بسبب ارتفاع أسعار أسطوانات الأكسجين، والمكثفات، والأدوية الأساسية في السوق السوداء. كما ارتفعت أسعار أسطوانات الأكسجين إلى ما لا يقل عن 10 أضعاف السعر العادي”.
خلية أزمة
ومنذ بداية ظهور الوباء في الهند، حرصت سفارة المملكة المغربية هناك على إنشاء خلية أزمة يترأسها السفير ومكونة من جميع أعضاء السفارة. وتغطي هذه الخلية أيضا، إضافة إلى الهند، دول النيبال وبوتان ومالديف وسيريلانكا.
وأوضحت سفارة المغرب في الهند، في معطيات قدمتها لهسبريس، أن البعثة الدبلوماسية منذ بداية الجائحة وضعت هواتف العاملين بالسفارة تحت تصرف أفراد الجالية المغربية وبقيت على تواصل معهم خلال أزمة العالقين، أو لمساعدة المغاربة الذين بقوا هنا.
وأضافت السفارة أن خلية الأزمة تواصل عملها إلى اليوم لتقديم المساعدات إلى المواطنين المغاربة، وتحرص على حثهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني على احترام جميع التدابير الاحترازية التي تفرضها السلطات الهندية.
وأكدت السفارة، في تصريح لهسبريس، أنه منذ بداية الأزمة الوبائية الحالية لم تتوصل مصالحها بأي طلب مساعدة من قبل المغاربة المقيمين في الهند.