عادت برلين إلى واجهة النزاع الليبي في غمرة انشغال الرباط بقضية الصحراء، سعيا منها إلى ضمان موقع متقدم على الخارطة المغاربية، من خلال تهيئة المصالح الدبلوماسية الألمانية لعقد جولة جديدة من المحادثات السياسية الرامية إلى التوفيق بين الأطراف الليبية المتنازعة.
وتحاول ألمانيا استنساخ مضامين “مؤتمر الصخيرات”، الذي حسم في مكامن الخلاف بين الفصائل الليبية، عبر دعوة المشرف على الآلة الدبلوماسية “البرلينية” إلى تنظيم النسخة الثانية من “مؤتمر برلين” في أواخر الشهر الجاري، بغية التباحث في ملفات الاستحقاقات الانتخابية والتدخلات الأجنبية داخل “جمهورية القذافي المنهارة”.
وبحسب البيانات المنشورة من لدن وزارة الخارجية الألمانية، فإن المشاركة في المؤتمر ستشمل الأمم المتحدة والدول والمنظمات المساهمة في المحادثات السياسية الأولية؛ ما يعني أن المغرب لن يكون حاضرا في هذه المحطة الدبلوماسية إثر الاصطدامات الثنائية بين البلدين في عدد من الملفات الكبرى.
ولا تمر العلاقات بين العاصمتين بأحسن أحوالها، نظرا إلى الاختلافات الجوهرية بشأن قضيتيْ الصحراء والإرهاب، بالإضافة إلى الملف الليبي، بعد إنعاش ألمانيا للجهاز الدبلوماسي الخارجي الذي ظل “متخلفا” عن مواكبة التطورات المتسارعة ذات الصلة بالنزاعات الدولية التي انخرط المغرب في حلحلتها بشكل تدريجي منذ سنوات عدة.
وفي هذا الإطار، قال الباحث في العلوم السياسية محمد شقير إن “مناقشة الموضوع تستدعي استحضار تعقيدات الملف الليبي، حيث يحاول كل طرف التموقع في سياق البحث عن السبل الكفيلة لإنهاء النزاع”، مضيفا: “لا يجب حصر الصراع بين برلين والرباط، وإنما هناك عواصم إقليمية أخرى تحاول استغلال الوضع القائم”.
وأوضح شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “انعقاد النسخة الثانية من مؤتمر برلين ينبغي ربطها بسياق العلاقات الثنائية بين المغرب وألمانيا التي تشهد توترا دبلوماسيا، ليس بسبب الملف الليبي فقط، وإنما يتعلق الأمر كذلك بقضيتي الصحراء والإرهاب”.
وأبرز المحلل عينه أن “مؤتمر برلين ينافس مجموعة من العواصم الأوروبية أيضا، ضمنها فرنسا، حيث من المرجح أن يتم إقصاء المغرب من جديد نظرا إلى التوتر السياسي بين البلدين”، معتبرا أن “الإقصاء يحمل بعدا إقليميا لأنه يعكس التنافس بين البلدين حول الملف”.
وأشار شقير إلى “انعكاس متغير اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء على العلاقات بين البلدين، حيث يحاول المغرب الضغط على الشركاء الأوروبيين، لا سيما ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، لتحيين مواقفهم بشـأن قضية الصحراء المغربية”.