كشفت أرقام رسمية صادرة مُؤخراً عن المندوبية السامية للتخطيط أن استثمارات الجالية المغربية في وطنهم الأم تبقى ضعيفةً جداً، وهو واقع يرتبط بأسباب عديدة تكشف ضُعف سياسات الدولة الموجهة إلى الجالية وما يترتب عن ذلك من إعاقة مُساهمتها في التنمية.

وحسب الأرقام الرسمية، فإن نسبة صغيرة لا تتعدى 2.9 في المائة من المهاجرين الحاليين صرحت بأنها أنجزت مشاريع استثمارية في المغرب؛ بينها 3.4 في المائة من الرجال و1.8 في المائة من النساء.

وتختار هذه الفئة من الجالية الاستثمار في قطاعات العقار والفلاحة، ثم البناء والتجارة. ويرتبط ضعف استثمارها في المغرب بأسباب عديدة؛ من بينها عدم كفاية رأسمال المال والمساطر الإدارية المعقدة، والرشوة، والدعم المالي الضعيف، وضُعف التحفيزات الضريبية، حسب المندوبية.

في المقابل، نجد أن غالبية المهاجرين المغاربة، بنسبة 83.4 في المائة، أي ما يُمثل أكثر من ثمانية من أصل عشرة، يقومون بتحويل الأموال إلى أسرهم القاطنة؛ وهي التحويلات المالية التي يُرتَقب أن تناهز خلال السنة الجارية حوالي 66 مليار درهم.

وتُفيد أرقام المندوبية بأن عدد مغاربة العالم المقيدين في السجلات القُنصلية بلغ حوالي 3.6 ملايين مغربي ومغربية سنة 2017؛ فيما تُشير توقعات رسمية أخرى إلى أن الإجمالي يناهز 4.6 ملايين. وتمثل هذه الجالية حوالي 10 في المائة من السكان المقيمين في المغرب.

ويلفت إدريس الفينا، خبير اقتصادي ورئيس المركز المستقل للتحليلات الإستراتيجية، إلى أن تحويلات العُمال المغاربة بالخارج تدعم ثلاثة مجالات أساسية وهي: الدعم المادي للأسر المرتبطة بها، واقتناء العقارات أو تشييدها، ثم تطوير مقاولات صُغرى ومتوسطة.

وأوضح الفينا أن ما يُناهز نصف التحويلات تهم مجال العقار، معتبراً أنها “في حد ذاتها استثمارات خارجية مُباشرة غير مُعلَن عنها، بحيث يلجأ عدد من المغاربة بالخارج إلى تسجيل اقتناءاتهم العقارية كاستثمارات خارجية والآخر لا يقوم بها؛ وهو ما يجعل من الصعب تحديد قيمة الاستثمارات الخارجية المرتبطة للاقتناءات العقارية التي يقف وراءها العُمال بالخارج”.

ويقر الخبير الاقتصادي، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن هناك عدداً من الصعوبات التي تقف في وجه المستثمرين المغاربة بالخارج، على الرغم من الإصلاحات المتعددة التي عرفها هذا المجال.

ولمواكبة مساهمة الجالية في تنمية وطنها الأم، سبق للمندوبية السامية للتخطيط أن اقترحت تطوير نظام معلومات مندمج ومحين حول معطيات الجالية، يضم الإحصائيات ومكان الإقامة والأصل والكفاءات والانتماءات للمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى إقامة نماذج للشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحديد الأدوار والتوقعات، واستكشاف طرق لملاءمة توقعات وقدرات الجالية بهدف تعبئتها.

كما أوصت المندوبية بخلق قنوات الاتصال عبر الوطنية، وتعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين من أجل زيادة الفعالية السياسية والحكامة الرشيدة وتكييف البرامج والقنوات حسب نوع ومهمة المنظمة.

hespress.com