تحولت جلسة للجنة العدل والتشريع بمجلس النواب لدراسة مشروع قانون تنظيمي رقم 57.20 متعلق بالتعيين في المناصب العليا، إلى ما يشبه المحاكمة البرلمانية للحكومة بسبب عدم استجابتها لطلبات النواب المتكررة للتصويت على مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، يتضمن مادة تجرم الإثراء غير المشروع المتأتي من المسؤولية السياسية.

وأعلن نواب ينتمون لفرق الأغلبية، الاثنين، رفضهم أن يكون البرلمان أداة لعرقلة التشريع في المغرب، في الوقت الذي حمّلت فيه المعارضة المسؤولية لحكومة سعد الدين العثماني، وذلك بسبب عملية التجزئة التي اختارتها في التعاطي مع القانون الجنائي.

وفي هذا الصدد، قالت البرلمانية عن فريق الأصالة والمعاصرة زهور الوهابي إن الحكومة لم تستجب لطلبات فرق المعارضة لإحالة القانون الجنائي برمته على البرلمان للمصادقة عليه بشكل كلي، محملة الأغلبية مسؤولية “البلوكاج” بسبب عدم توافقها على تعديلاتها المشتركة.

وفي مقابل مطالبة الوهابي المنتمية للمعارضة الحكومة بضرورة تقديم مبررات حول عدم الرغبة في المصادقة على القانون الجنائي، خصوصا أن المعارضة قدمت تعديلاتها، سجل رضا بوكمازي، برلماني عن فريق العدالة والتنمية، أنه “غير مقبول ألا يتم التصويت على القانون الجنائي بعدما مر بجميع المراحل”.

وأعلن بوكمازي أن النواب لا يمكنهم أن يؤجلوا أكثر عملية المصادقة على مشروع القانون، داعيا إلى تحديد تاريخ للتصويت عبر الحسم بالطرق الديمقراطية، لأن هذا الاستمرار يعد نوعا من عرقلة التشريع من طرف المؤسسة البرلمانية.

أما البرلمانية آمنة ماء العينين فقد نبهت رئاسة لجنة العدل والتشريع إلى أن النواب يوجدون في حرج كبير تجاه عملية التشريع، مشيرة إلى أن ما يسري على مشروع القانون الجنائي هو نفسه مصير مشروع قانون هيئة النزاهة ومحاربة الرشوة الذي يوجد في البرلمان منذ سنة 2015.

وقالت ماء العينين إنه تم الالتزام بمواصلة مسطرة التشريع رغم إحالة مشروع القانون على المجلس الأعلى للسلطة القضائية أو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، معتبرة أن “طلبات الإحالة يجب أن تمر عبر مكتب اللجنة للمصادقة عليها، وبعدها مكتب المجلس، ورغم أننا لم نكن مقتنعين بالإحالة فقد وافقنا عليها خدمة للتوافق الذي ينبني عليه تدبير المجلس”.

وأضافت ماء العينين أنه تمت الاستجابة لطلب الإحالة لتجنب تعقيد الأمور، لأنه لا يمكن التعامل داخل المؤسسة بمنطق “الدراري الصغار”، مشددة على أن “تعامل النواب مع التشريع يتم بطريقة غير مسؤولة، لأن النظام الداخلي يتيح بمنطق التوافق للأقلية عرقلة التشريع”.

وأكدت ماء العينين أنه لا يوجد برلمان في العالم يتعامل بمنطق “إذا لم يعجبني القانون أعرقله”، وأن هذا الأمر قد تم في القانون الجنائي وتجري إعادته مع قانون النزاهة ومحاربة الرشوة، موردة أن “بعض الأطراف لم ترق لها مضامين القانون، لذلك اختارت البلوكاج الذي أصبح مرافقا للعملية السياسية في المغرب”.

من جهته، حمل البرلماني شقران أمام فريقَ العدالة والتنمية مسؤولية ما وصفه بالمنعطف الذي حدث في مسار مشروع القانون عندما أقدم على سحب تعديله المرتبط بمادة الإثراء غير المشروع، مشيرا إلى أن هذا السحب كان له أثر على فرق الأغلبية التي اضطرت باقي مكوناتها لإعادة النظر في التعديلات بشكل كلي.

وسبق أن طالبت ثلاثة فرق برلمانية تنتمي للأغلبية البرلمانية لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب بتأجيل وضع التعديلات على مشروع قانون رقم 10.16، القاضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي.

مطالب فرق التجمع الدستوري والحركي والاشتراكي بتأجيل التعديلات دفعت إلى وضع تجريم الإثراء غير المشروع في ثلاجة البرلمان، في الوقت الذي اختار فيه حزب العدالة والتنمية المنتمي كذلك للأغلبية وضع تعديلاته السابقة، مع ضرورة الاحتفاظ بالصيغة الحكومية.

واكتفت فرق المعارضة، خاصة الاستقلال والأصالة والمعاصرة، بالاحتفاظ بالتعديلات التي سبق وضعها حول مشروع القانون الجنائي بعدما قدمته الحكومة منذ سنة 2016 أمام نواب الأمة، في حين قررت الأغلبية تقديم تعديلاتها منفردة بعد الخلافات التي حدثت بينها.

وعاشت الأغلبية البرلمانية على وقع خلافات كبيرة بين مكوناتها في ما يتعلق بمادة الإثراء غير المشروع، الأمر الذي أدى إلى تقديم تعديلات غير متوافق عليها، وهو ما أدخل المشروع في حالة “بلوكاج”، في حين تقدم فريق الاتحاد الاشتراكي بمقترح قانون مواز.

hespress.com