لم تكن هذه المرة الأولى التي يقدم فيها الوزير الإسلامي مصطفى الرميد استقالته من منصبه الوزاري؛ فقد سبق للرجل أن لوّح بترك سفينة الحكومة لأكثر من مرة، وتكون الأسباب غالبا مرتبطة بسياقات مرحلة معينة أو قرارات سياسية خارج إرادته؛ بينما ارتبطت ظروف الاستقالة الحالية بـ”أزمة صحية”، ألزمت وزير “حقوق الإنسان” البيت لأسابيع.

ولوّح الرميد، في حوار سابق مع جريدة هسبريس الإلكترونية، بترك منصبه الحكومي “وفق ما يفرضه الضمير وحب الوطن”، حيث قال: “أنا الآن مكرهتش نتعفى من مسؤوليتي؛ لأن المسؤولية صعبة وثقيلة”، قبل أنْ يلجأ الوزير إلى القسم في سبيل تأكيد قوله “أقسمُ بالله مكرَهْتْشْ نمْشِي نْسْتارح”.

وخلال بروز احتجاجات حركة “20 فبراير”، لوّح الرميد بتقديم استقالته من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بسبب قراءات قيادة “المصباح” “غير موفقة” لطبيعة المرحلة آنذاك، على الرغم من أنه أكد في وقت سابق أن هذه الاستقالة “لم ترتبط أساسا بقرار مشاركته في مسيرة 20 فبراير ضدا على موقف الحزب، بل كانت لديه مجموعة من الآراء بشأن التدبير العام للحزب عموما”.

وقد برز، آنذاك، خلاف قوي بين عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لـ”البيجيدي”، وبين مصطفى الرميد، حول طبيعة تدبير مرحلة “20 فبراير” وكيفية التعاطي مع خروج المواطنين إلى شوارع المملكة من أجل المطالبة بالتغيير ومحاربة الفساد؛ ففي الوقت الذي دعا فيه بنكيران قواعد الحزب بعدم المشاركة في الاحتجاجات، تمرد الرميد وخرج إلى شوارع الرباط إلى جانب آلاف المحتجين.

ارتباط الرميد بالاستقالات لن يتوقف عند هذا الحد؛ ففي عام 2012، ولما كان وزيرا للعدل والحريات، هدد الرميد بتقديم استقالته، في غضون سنتين إذا فشل في الرفع من أجور القضاة، معتبرا أن إصلاح القضاء “يمر عبر محطة التحفيز المادي للقضاة، وذلك بالرفع من أجورهم وتبويئهم المكانة المادية التي تجعلهم في غنى عن الناس”.

وعاد القيادي الإسلامي مرة أخرى إلى التلويح بورقة الاستقالة مرة أخرى خلال عام 2016 في عز أجواء الانتخابات التشريعية التي كانت تنظم في البلاد، حيث هدد في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بتقديم استقالته من اللجنة العليا المكلفة بالانتخابات؛ وهي اللجنة التي كانت تضم إلى جانب الرميد محمدا حصاد، وزير الداخلية السابق. وقد برّر الرجل، الذي كان يشغل حينها منصب وزير العدل والحريات، هذه الخطوة التي أعلن عنها بـ”وجود تجاوزات طالت العملية الانتخابية”.

ووضع الرميد، الجمعة، على طاولة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، استقالته من المنصب الذي يشغله في السلطة التنفيذية، مبررا هذا القرار بحالته الصحية التي جعلته غير قادر على تحمل أعباء المسؤولية الحكومية.

وأورد الوزير الإسلامي، في استقالته التي وجهها إلى رئيس الحكومة، قائلا: “نظرا لحالتي الصحية، وعدم قدرتي على الاستمرار في تحمل أعباء المسؤوليات المنوطة بي، فإني أقدم لكم استقالتي من العضوية في الحكومة، راجيا رفعها إلى جلالة الملك حفظه الله ورعاه”.

hespress.com