في جماعة أغبالة الواقعة على ارتفاع يتجاوز 1400 متر عن سطح البحر، وعلى بعد 110 كيلومترات من عاصمة جهة بني ملال خنيفرة، يشكو مواطنون إكراهات تنموية متعددة، سواء بالمركز أو بباقي القرى والدواوير الجبلية النائية البالغ عددها 18 دوارا.

في المركز، حيث يبلغ عدد السكان أزيد من 7000 نسمة، ذكر نشطاء، في تصريحات متفرقة لجريدة هسبريس، أن مطالب الساكنة متعددة تتجسد في تقوية شبكة الإنارة العمومية، توفير الصرف الصحي وملاعب القرب والمساحات الخضراء، تبليط الشوارع والأزقة، وإحداث دور المرأة والفتاة وفضاءات الألعاب الخاصة بالأطفال. أما في الدواوير، فتنحصر مطالبهم في بناء المسالك وتوفير الماء الشروب.

وقال موحى ريدو، ثمانيني يقطن بمركز أغبالة، في تصريح لـجريدة هسبريس الإلكترونية، إن أغبالة فقدت بهاءها وجمال طبيعتها والكثير من مؤهلاتها الطبيعية ومواردها المائية، مشيرا إلى أن المنطقة كانت أشبه بجنة خضراء مكسوة بالأشجار الشامخة شموخ رجالها إلى أن دخلتها بعض الإصلاحات التي سلبتها حياتها البسيطة.

وأضاف موحى أن سكان المركز، وخاصة قاطني حي تاسفالوت وتسنفيت، يشكون من الغبار صيفا والأوحال شتاء بسبب الأزقة المتربة ومخلفات مياه الفياضات التي تقتحم البيوت كلما تساقطت الأمطار بغزارة.

وذكر المتحدث أن عددا من الأسر القاطنة بحي تاسفالوت ما تزال في القرن 21 بدون ماء شروب، ما يستدعي من المجلس الجماعي التدخل الفوري لتوسيع وتقوية شبكة الماء والكهرباء والصرف الصحي حتى يستفيد الجميع.

وأكد نبيل بافطَ، طالب مجاز من حي تاسفالوت، أن سكان الدواوير الجبلية يعيشون ظروفا صعبة بسبب أزمة العطش وغياب المسالك، مُردفا أن “حل الصهاريج المتنقلة يبقى ترقيعيا ولا يسد رمق المتضررين الذين يفكرون لماشيتهم أكثر مما يفكرون لأنفسهم”.

وفي حديثه عن مركز أغبالة، ذكر المتحدث نفسه أن “سكان حي تاسفالوت اضطروا للتعايش مع مطالبهم البسيطة التي عمّرت لسنوات دون أن تجد طريقها إلى أرض الواقع”، موردا أن “بعض المنتخبين يجدون ضالتهم في الحديث عن الخصاص الذي تشكو منه المنطقة، لكن مفعول خطابهم البراغماتي سرعان ما ينتهي مع انتهاء الإستحقاقات الانتخابية”.

وكشف بافط عن الخصاص الحاصل في بعض المشاريع الأساسية ذات الصلة بطموحات الشباب بمركز أغبالة، ومن ضمنها ملاعب القرب والمسابح والفضاءات الترفيهية والحدائق العمومية وفضاءات القراءة والتكوين والتأطير، وكل ما من شأنه تحقيق طموحات الشباب في الجبل.

ومن بين المشاكل التي رصدها القاطن بالجماعة، وضعية الطرق بالمركز ومشكل النفايات الصلبة وتواجدها بالقرب من منبع لمياه الشرب، ما قد يؤثر على جودة المياه وعلى بعض الزراعات التضامنية، وغياب ملعب رياضي بالمعايير المطلوبة، ثمّ ضعف الإنارة العمومية وعدم وجود منتزهات للأسر.

وأكد المتحدث أن “الساكنة سبق لها أن رفعت مطالبها إلى الجهات المعنية، وخاصة المجلس الجماعي، لكن لاعتبارات متعددة بقيت مجمل هذه الملفات المطلبية حبيسة رفوف الجماعة، ما يُفسر أن الكثير من الوعود لا تتحقق في مركز أغبالة الذي لم يتلمس بعد طريقه إلى التنمية”، على حد تعبيره.

وتساءلت تصريحات متطابقة لهسبريس عن أسباب استمرار إغلاق المسبح، خاصة في ظل هذه الظرفية، حيث يحتاج الأطفال إلى الترفيه والسباحة في ظل الارتفاع المتزايد لدرجة الحرارة بالمنطقة، ودعت إلى النهوض بالمرأة والفتاة عن طريق خلق مشاريع مدرة للدخل، وبالطفولة عبر دعم الجمعيات المهتمة بالتعليم الأولي، مع الترافع عن قطاع الصحة الذي يشكو من أعطاب كثيرة رغم المجهودات التي تبذلها الأطر الصحية المحلية.

وفي تعليقه على هذه القضايا التي تؤرق الساكنة، أكد فؤاد حليم، رئيس الجماعة، أن ساكنة أغبالة نالت خلال ولاياته حظها الأوفر من التنمية، خاصة بعد تحقيق مشروعين ضخمين لم يكن بمقدور الجماعة تنزيلهما دون ترافع المجلس لدى الجهات المتدخلة في التنمية بالنظر إلى تكلفتهما المالية التي تعد بالملايير، وهما الربط بشبكة الماء الشروب (2 مليار و200 مليون سنتيم) والصرف الصحي (5 ملايير و400 مليون سنتيم).

وأبرز حليم أن الجماعة تلقت وعودا تلو الأخرى من أجل فك العزلة عن مجموعة من الدواوير وربطها بالماء الشروب، إلا أن ذلك لم يتحقق، مشيرا أن تجمعات سكنية لم تجد الماء الشروب إلى حد الساعة، ما جعل الجماعة تلجأ الى توظيف شاحنات صهريجية متنقلة رغم كلفتها وعدم نجاعتها.

وبخصوص تبليط الأزقة، أكد رئيس الجماعة أن المطلب يدخل ضمن مشروع تأهيل المركز الذي نالته مقاولة معروفة، مشيرا أنه يجهل الأسباب التي تحول دون انطلاق أشغال الشطر الأول الذي تصل تكلفته إلى حوالي مليار سنتيم، مضيفا أن “الوعاء العقاري يحول دون تنزيل عدد من المشاريع التنموية، من ضمنها ملاعب القرب”، مبرزا أن “الجماعة أهلت المسبح الذي كان متوقفا مند سنوات دون أن تجد من يكتريه، كما أنجزت الدراسة وخصصت مبلغا مهما للمساحات الخضراء”.

وكشف فؤاد حليم، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، أن الجبل يشكو من أعطاب تنموية كثيرة في ظل محدودية مداخيل الجماعات، ما يتطلب، بحسبه، تدخل كل الشركاء في التنمية المحلية لحل الإشكالات الكبرى المتعلقة بالماء والفيضانات والطرق، وتثمين المؤهلات السياحية والثروات الجبلية، خاصة في جماعات تفتقر إلى مداخيل معقولة، كأغبالة، حيث لا يتجاوز فائضها التقديري أحيانا 08 ملايين من السنتيمات.

وثمن حليم الذي تقلد ومازال مهاما سياسية متعددة، سواء بالجماعة الترابية أو المجلس الإقليمي أو مجلس الجهة أو بقبة البرلمان، مجهودات الولاة الذين بدونهم، يقول، “ما كانت أغبالة والعديد من الجماعات التي تئن تحت الفقر قادرة أن تنفتح على محيطها بهذه المشاريع الطرقية الضخمة”، منتهيا إلى القول: “إن ما يشغلني هو تنمية الجبل وتجسيد رؤية صاحب الجلالة للعالم القروي على أرض الواقع”.

[embedded content]

hespress.com