محاولات حثيثة لـ”قصر المرادية” قصد دفع روسيا إلى مهاجمة المغرب كلما سنحت له الفرصة، وهو ما تُجسده البرامج التلفزيونية المكثّفة المُهاجمة للأمن القومي المغربي منذ العملية الأمنية ببوابة “الكركرات” الحدودية؛ لعل آخرها استضافة إيغور بيلياف، السفير الروسي بالجزائر، في إحدى القنوات المرئية العمومية.

وحاولت القناة التلفزية دفع الممثل الدبلوماسي لموسكو بالعاصمة الجزائرية إلى انتقاد التحركات السياسية المغربية الأخيرة، خاصة بعد القرار الإستراتيجي لواشنطن القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، غير أن بيلياف أجاب عن الأسئلة بنوع من “الحِنكة”، رغم تأكيده التوجه الروسي الذي يعتبر القرار الأمريكي “انتهاكاً” للقانون الدولي.

وبالفعل، اقتصرت أجوبة السياسي الروسي على التشبّث بالمحددات الكبرى لـ”قصر الكرملين” تجاه القارة الإفريقية، من خلال انتقاد القرار الأمريكي بمنطقة الصحراء المغربية، في سياق المواجهة الروسية للقطب الأمريكي في كل الملفات العالمية، مهما كانت نوعيتها أو طبيعتها أو منطقتها.

ودعا السفير الروسي إلى “حل مشكلة الصحراء ضمن الإطار الأممي، برجوع الأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات، قصد التوصّل إلى حي سياسي يرضي الجميع”، مبرزاً أن “هناك تأخيراً في تعيين مبعوث أممي جديد من طرف دول نافذة، نظراً لأولوية الأزمة الليبية لدى البعض”، ومؤكدا أن “الجزائر تستطيع لعب دورها لحلّ النزاع”.

وبالنسبة إلى نوفل البعمري، الباحث المغربي في قضية الصحراء، فإنه “لا بد من الانتباه جيدا إلى ذكاء تصريح السفير الروسي، لأنه لم يسقط في الفخاخ التي حاول مذيع قناة النهار أن يجرّه إليها، لاتخاذ موقف ضد المغرب، ولصالح استفتاء تقرير المصير”.

وأوضح البعمري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “السفير عَكَسَ موقف دولة روسيا الداعم لقرارات الأمم المتحدة، إذ يطالب مختلف الأطراف بالعودة إلى المباحثات؛ والمعني هنا بالدرجة الأولى هي جبهة البوليساريو التي سماها بهذا الاسم، ولم يصفها بالجمهورية الصحراوية، لأن روسيا لم تعترف بالكيان الوهمي، بل تتعامل مع البوليساريو كتنظيم”.

وأبرز الباحث القانوني في الملف أن “السفير الروسي أشار إلى طبيعة النزاع باعتباره نزاعا إقليميا، وهنا طالب، في اللقاء ذاته، بأن تلعب الجزائر دورا فيه؛ وهو إقرار بإقليمية النزاع، وبمسؤولية الدولة الجزائرية في التوصل إلى حل سياسي وفقا لقرارات مجلس الأمن”.

وأورد البعمري أن “السفير الروسي لم يسقط في محاولة الابتزاز الإعلامي من طرف القناة التي استضافته، وعبر عن مواقف متوازنة من النزاع، بل تجاوز بسرعة حتى موقف بلاده من الاعتراف الأمريكي، إذ كانت لغته دبلوماسية عندما تناولت هذه النقطة، ما يعكس حالة الترقب التي تعيشها روسيا للتطورات المحتملة للنزاع بعد تقلد بايدن منصبه، علما أن مختلف الأوساط أكدت أنه لن يغير موقفه من مغربية الصحراء”.

hespress.com