شرعت كثير من الدول في حملات التطعيم الجماعية ضد فيروس “كورونا”، حيث توفي بعض الأشخاص الذين تلقوا حقنة اللقاح بعد فترة وجيزة، خاصة في صفوف كبار السن، ما دفع البعض إلى التشكيك في نجاعة اللقاحات، غير أن الفحوصات الطبية الأوروبية أكدت عدم وجود علاقة ثابتة بين اللقاح وخطر الوفاة.

وأشارت قصاصة إخبارية لوكالة الأنباء الفرنسية إلى تسجيل النرويج 23 وفاة في البداية، ثم تصاعد الرقم إلى 33 حالة وفاة لأشخاص طاعنين في السن من بين 20 ألف شخص يقيمون في دور رعاية المسنين، بعدما تلقوا جرعة من لقاح “فايزر/ بايونتيك”؛ الأمر الذي أثار “قلق” الهيئات الطبية.

ويوجد 13 شخصا ضمن هؤلاء يتم تحليل ملفاتهم الشخصية بشكل علمي دقيق، بالنظر إلى كونهم مصابين بـ”أمراض خطيرة” زادت من هشاشة وضعيتهم الصحية، وفق وكالة الأدوية النرويجية، التي لم تثبت بعد وجود علاقة سببية بين الوفاة واللقاح، لكنها تفترض أن الآثار الجانبية غير الخطيرة على الشخص السليم، مثل الحرارة المرتفعة والغثيان والإعياء، قد تكون سببا في وفاة الحالات “الهشة”.

وأثار التصريح سالف الذكر جدلا كبيرا في المشهد الوطني النرويجي خلال الأيام الماضية، بعد استغلال الوقائع الصحية من أجل تكوين رأي عام مناهض لعملية التلقيح، ما دفع السلطات الصحية إلى تأكيد عدم وجود صلة مباشرة وثابتة بين اللقاح المضاد للفيروس والوفيات المسجلة.

وأبلغت وكالة الأدوية الفرنسية بدورها عن 9 حالات وفاة لأشخاص متقدمين في السن بمؤسسات إيواء المسنين من إجمالي 800 ألف شخص تلقوا جرعة من اللقاح، لكن الملاحظ أن الوفيات تعود لأفراد يعانون من أمراض مزمنة، يتلقون إثرها علاجات صحية “قوية”.

وعلى ضوء ذلك، أشارت وكالة الأدوية الفرنسية إلى أن المعطيات المتوفرة بخصوص لقاح “كوميرناتي” (الاسم التجاري للقاح فايزر/ بايونتيك) تدحض أي علاقة بين اللقاح والوفيات التي تم تسجيلها إلى حدود الساعة، على أساس أن السويد رصدت 13 حالة في صفوف كبار السن، فيما انخفضت الحصيلة إلى 7 حالات بأيسلندا، لكن المشترك بين هذه الدول أن السلطات الصحية لم تحدد أي علاقة سببية حتى الآن.

وذكرت وسائل الإعلام البرتغالية أن عاملة في المجال الصحي توفيت بعد يومين من تلقيها جرعة من اللقاح في أوائل يناير الجاري، إلا أن وزارة العدل قالت إن تشريح الجثة لم يُثبت صلة مباشرة باللقاح المضاد لفيروس كورونا، بينما تحدثت وزارة الصحة الفرنسية عن رصد 71 وفاة لأشخاص تلقوا اللقاح على الصعيد الأوروبي دون تقديم مزيد من التفاصيل.

ودخلت وكالة الأدوية الأوروبية على خط النقاش المثار من طرف الهيئات الصحية، حيث لفتت الانتباه إلى أنه لم تنسب أي حالة وفاة للقاح “فايزر/ بايونتيك” إلى حدود الآن، مشددة على أنه بمجرد حدوث حالة وفاة، أو تدهور الوضعية الصحية للشخص، يتم التحقق فورا من العلاقة السببية بين التطعيم والوفاة.

وتعمل أنظمة اليقظة الدوائية التي عززها التكتل الأوروبي بعد تفشي الجائحة على رصد الأعراض الجانبية الخطيرة المتعلقة باللقاحات، بعد تقديم تقارير طبية من طرف “الجيش الأبيض” أو المصنعين، وحتى من لدن المرضى أيضا، تبعا لما أوردته القصاصة الإخبارية الفرنسية.

وبالعودة إلى أعداد الوفيات والملفات الشخصية المرصودة على صعيد الاتحاد الأوروبي، لم يتم إرجاعها إلى أسباب “غير طبيعية”، ارتباطا بالإحصائيات المتوفرة لدى المصالح الصحية حول عملية التطعيم التي استهدفت كبار السن بالدرجة الأولى؛ ومن ثمة، قد تتدهور وضعيتهم الصحية بعد وقت قصير من تلقي اللقاح، بسبب الأمراض المزمنة والتقدم في السن، دون أي يكون التطعيم سببا مباشرا في ذلك.

وفي هذا السياق، أفاد ستيفن إيفانز، أستاذ علم وبائيات الدواء، في حديثه مع منظمة “ساينس ميديا سانتر”، بأن “تلقيح الأشخاص المعرضين لخطر الموت، يؤدي بالضرورة إلى حدوث حالات وفيات مصادفة بعد وقت قصير من التطعيم”.

كما أن “الخلط المفاهيمي” يكون عاملا مساعدا في “سوء التفاهم” بخصوص الوفيات المتعلقة باللقاح؛ إذ تؤكد القصاصة الإخبارية أن مصطلح “الرابط” يشير في اللغة العامية المتداولة إلى وجود “علاقة سببية”، بينما قد يعني “الوقت الزمني” في كثير من الأحيان؛ أي إن الوفاة حدثت بعد تلقي التطعيم، ولا يعني ذلك أن الوفاة وقعت نتيجة اللقاح.

hespress.com