موعد تاريخي للاحتجاج ما يزال ينتظر السلطات الجزائرية في تدبيرها للحراك القائم بالبلاد ومشاركة طيف الحركة الأمازيغية فيه، حيث يرتقب أن تعد العدة لاحتجاجات “الربيع الأمازيغي” وما يرافقها من صدام حاد مع السلطات.
ومسيرات “الربيع الأمازيغي” جاءت لتخليد ذكرى الأحداث التي شهدتها منطقة القبائل بالجزائر في أبريل 1980؛ فقد اندلعت مظاهرات بجامعة تيزي أوزو بعد منع السلطات الكاتب الأمازيغي مولود معمري من إلقاء محاضرة، لتنتقل بعدها شرارة الاحتجاجات إلى مناطق أخرى، وهو ما أدى إلى عصيان مدني وسقوط قتلى وجرحى.
عصب الاحتجاجات
منير كجي، فاعل أمازيغي من المغرب، قال إن تخليد الذكرى الثانية للحراك الجزائري، “تجسيد للرغبة الكبيرة لدى الجزائريين والقبايليين”، موردا أن الشرارة انطلقت مرة أخرى من بلدة خراطة، ما يوضح عمق الغضب لدى الشعب الجار.
وأضاف كجي، في تصريح لهسبريس، أن “كورونا لم توقف الاحتجاجات، كما أن إصلاحات الرجل المريض عبد المجيد تبون، من خلال إطلاق سراح المعتقلين وحل البرلمان، لم تجد نفعا”، مسجلا أن هذه الإجراءات كانت تريد الحد من الحراك.
وأوضح أن “القبايليين في كل مناسبة يطرحون إسقاط النظام ورحيل الجنرالات”، راجيا أن يأتي العفو عن المعتقلين السياسيين في المغرب كذلك لإنهاء الوضع الراهن، مبرزا أن “المظاهرات في الجزائر حاشدة والجالية تلعب دورا مهما”.
وأكمل المتحدث تصريحه قائلا: “القبايل رقعة جغرافية معروفة لدى النظام الجزائري؛ فهي في طليعة المطالبين بالديمقراطية وحقوق الإنسان في كل مناسبة، وبالطبع في ظل الاحتجاجات القائمة، ستكون حاضرة في رسم مستقبل البلد”.
صراع تاريخي
عبد الله بوشطارت، فاعل أمازيغي مغربي، شدد على أن الأمازيغ في الجزائر دائما في حراك وانتفاضة مستمرة ومفتوحة ضد النظام الجزائري منذ عقود، أساسا بمنطقة القبايل والمزاب والجنوب بالصحراء في تامنراست وباقي المناطق.
وقال بوشطارت إن “منطقة القبايل على سبيل المثال هي المنبت الأصلي للحراك الذي انطلق قبل سنة، وكانت مدنها كتيزي وزو وبجاية وكل المداشر تعرف مظاهرات حاشدة طيلة الحراك بخطاب سياسي قوي وشعارات واضحة تنادي بإسقاط النظام العسكري وترسيخ الديمقراطية”.
وأوضح أن الأمازيغ لهم تناقضات وصراع رئيسي مع النظام الحاكم في الجزائر، ولن ينسوا طبعا الجرائم والمجازر الوحشية التي ارتكبها في حقهم، خاصة في سنة 2001 في ما يسمى بـ”الربيع الأسود” حيث تم اغتيال حوالي 126 شهيدا أمازيغيا.
“لذلك، فالأمازيغ هم تاريخ وحاضر ومستقبل الحراك بالجزائر، هم عصب التغيير السياسي هناك، يقاطعون الانتخابات والاستفتاء على الدستور على امتداد التاريخ السياسي المعاصر بالجزائر”، يقول بوشطارت، مضيفا أنهم “يشكلون معارضة سياسية قوية لبنية النظام العروبي وهويته الايديولوجية التي تعادي الأمازيغية”.
وهي معارضة انفجرت منذ سنة 1948 إثر الأزمة الأمازيغية التي وقعت وسط حركة التحرير الوطني، المعروفة بـ”الأزمة البربرية”. وبالتالي، فالصراع السياسي مع سلطة الجزائر تاريخي، يتجدر ويتقوى بفعل غطرسة العسكر واحتقاره للناس.