يخلّد العالم في الثامن عشر من دجنبر اليوم العالمي للغة العربية؛ وفي كل سنة تتجدد تحذيرات المدافعين عنها في المغرب من “المخاطر” التي تهددها، ويطالبون بحمايتها.

في هذا الحوار مع هسبريس، يتحدث موسى الشامي، رئيس “الجمعية المغربية الفرانكوفونية من أجل اللغة العربية”، عن وجهة نظره بخصوص وضعية لغة الضاد بالمغرب، إذ يرى أنها ليست مهددة، وأنها “ستستعيد الرونق الذي كان لها في الماضي”.

وفيما يلي نص الحوار:

يرى البعض أن اللغة العربية تحيق بها مخاطر شتى، وثمة من يقول إنها مهددة، هل تتفق مع هذا الرأي؟

كلا. اللغة العربية مهمّشة لأسباب متعددة، لكن لا يمكن القول إنها مهددة.

في الخطابات المتداولة نسمع أن المغرب له لغتان رسميّتان، هما العربية والأمازيغية، لكن في الواقع هناك شيء آخر. الوثائق الإدارية لا تزال تُكتب باللغة الفرنسية، وليس بالعربية.

اللغة الأمازيغية أيضا غير موجودة. صحيح أن بعض المكاسب في مسار النهوض بها، لكن ينبغي أن تُبذل مزيد من الجهود لبلوغ هذه الغاية.

إذن لا خوف على العربية؟

كما أسلفت، هي ليست مهددة، وستظل لغة قوية كما كانت دائما، وحتى لو افترضنا أنها مهددة في المغرب، رغم أن هذا غير صحيح، فهي موجودة في اثنين وعشرين بلدا.

ثم كيف تكون هذه اللغة مهددة ولها أربعة عشر قرنا من الحضور في الدول التي تتحدث بها، ومرّت بفترات صعبة، لكنها عبرتْها بسلام وظلت قائمة إلى اليوم.

مَن يتحمّل مسؤولية تهميش العربية في المغرب؟

المثقفون هم من يتحمل المسؤولية. لو أن كل المثقفين المغاربة أخذوا على عاتقهم الدفاع عن اللغة العربية، بالتحدث بفصيحها يوميا، في لقاءاتهم وفي مجالسهم وحواراتهم، فهذا سيدفع أصحاب القرار إلى إيلاء الأهمية اللائقة بهذه اللغة، وسيفرضون حضورها في الواقع بكيفية ناعمة.

وأستغرب لموقف الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية. فهذا الحزب كان يدافع عن اللغة العربية، لكنه الآن سكت.

هناك من يقول إن بعض المطالب التي يرفعها المدافعون عن العربية طوباوية، مثل جعلها لغة تدريس العلوم؟

نحن، كمدافعين عن اللغة العربية، نتفهم أنه يصعب تدريس العلوم بها في التعليم العالي، لكن هناك إجراءات سهلة التطبيق. أتساءل: لماذا تُفسح الحكومة المجال لكتابة العربية بالحروف اللاتينية على واجهات المحلات التجارية وغيرها؟ لو تم الحرص على كتابتها بالحروف العربية، فهذا سيجعل الناس يتداولونها على نطاق أوسع في حياتهم اليومية.

ما رأيك في الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية؟

مثل هذه المناسبات الموسمية لا تفيد في شيء. اللغة العربية تحتاج منا أن نعتني بها في جميع أيام الله وليس في يوم واحد في السنة. وعموما، فإن هذه اللغة ينتظرها مستقبل زاهر، وستستعيد الرونق الذي كان لها في الماضي.

ألا ترى أن الواقع يعاكس هذا التوقع، فنسبة كبيرة من المغاربة يكتبون بالدارجة في مواقع التواصل الاجتماعي، ويتزايد استعمالها في وسائل الإعلام، خاصة الإذاعات الخاصة؟

هذا ليس معيارا للحكم على المستقبل. مواقع التواصل الاجتماعي تشبه مدرسة كبيرة في الهواء الطلق، يلجها الجميع، وكما أن كل مدرسة يكون فيها تلاميذ مجتهدون، نجد فيها أيضا الكسالى. إذن لا يمكن أن ننتظر من الجميع أن يكتب باللغة العربية الفصيحة.

وبالنسبة للإعلام، هناك من يتكلم بالدارجة، وهناك أيضا من يتكلم باللغة العربية الفصيحة. الحديث بالدارجة ليس عيبا، هي لغة جميلة، ولكن إذا أخذنا بها لوحدها فإننا سنتقوقع على أنفسنا، فما يجمعنا بشعوب المنطقة هو العربية الفصحى، والغرْب لا يعجبه هذا الأمر.

العربية لن تضيع لأن المغاربة يدافعون عنها بحب وبصدق.

هناك من يتهم المدافعين عن العربية بإقصاء الأمازيغية؟

هذا غير صحيح. أنا واحد من المدافعين عن العربية وعن الأمازيغية معا، وقد دافعت عن الأمازيغية منذ سبعينيات القرن الماضي.

دعني أقول لك إن الأمازيغ هم الذين نشروا اللغة العربية في إفريقيا، وأطالوا عمر الإسلام في الأندلس ثمانية قرون.

لماذا سمّيتم جمعيتكم بـ”الجمعية المغربية الفرانكوفونية من أجل اللغة العربية”؟

إقحام كلمة “الفرانكوفونية” في اسم الجمعية لا يعني أننا سندافع عن الفرنسية، بل نستعملها لكي نشرح ونفسّر للمغاربة الذين عاكسهم الحظ ولم يتعلموا اللغة العربية بأن هذه اللغة لغة حضارة كبرى، منحت كثيرا من الأشياء للتراث العالمي.

hespress.com