كل المعزين يذكرونه مسؤولا ومساهما أصيلا في حقل السينما والتلفزيون، وأنا أعرفه قبل ذلك بسنوات صديقا في كلية الآداب فرع الفلسفة.

آخر لقائنا كان في ليلة عشاء واحتفاء وفرحة بأنفسنا، في مطعم بحي حسان بالرباط، سنة 1979..

ما سبب احتفالنا؟

كنت وإياه، في صباح ذلك اليوم، أمام لجنة في مؤسسة بسلا، لعله كان يرأسها الدكتور عابد الجابري، وغيره من الأعلام العارفين بغوامض الفلسفة.

كانت اللجنة متأنية، هادئة، صعبة الاقتناع بما نقدمه من مقولات إلا بعد فرك وعرك لتوليد عقلينا، للإجابة عن الأسئلة العويصة:

في الوجود وما وراءه

في الذات وما يستبطنها

في آفاق العقل وما يحده ويربكه

في النفس وتلاطمها كلجة بحر بلا قرار.

دام هذا التفحيص والتمحيص أربع ساعات بلا نفس للراحة ولا توقف، من الساعة التاسعة إلى الواحدة.

وأعلن نجاحنا، هو كمفتش عام للفلسفة باللغة الفرنسية، وأنا كمفتش عام للفلسفة باللغة العربية.

ولم ينجح غيرنا في ذلك الحقل، في تلك السنة.

التقينا تلك الليلة في ذلك المطعم.

وافترقنا فرحين..

رحم الله الأستاذ الضليع نور الدين الصائل.

قضينا عمرا، أو شطرا من عمر، في رحاب حب الحكمة.

القلب ينفطر لغيابه..نور الدين الصائل سارية في الفكر، والفلسفة، والفن، هوتْ.

hespress.com