يشتكي سكّان العديد من المناطق الجبلية، التي تشهد حاليا تساقطات ثلجية مهمة، من عزلة قاتلة جرّاء الانخفاض الحاد في درجات الحرارة، مقارنة مع ضعف الإمكانيات الكفيلة بتوفير وسائل التدفئة، وغياب مبادرات من قبل الدولة لدعم الأسرة المتضررة.
ومع تكرار هذا الوضع سنويا بالعديد من المناطق الباردة، تعالت صرخات نشطاء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بتدخّل السلطات لتوفير الحاجيات الضرورية للمواطنين، وتنزيل إجراءات وقائية قبل التساقطات الثلجية وليس بعدها.
الصافي إخلاف، ناشط جمعوي من تنكارف بجماعة بوتفردة بإقليم بني ملال، قال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ “هذه المحن المتكررة يجترها السكان منذ عقود، ويكابدونها خلال كل موسم ثلوج، في ظل غياب حلول جذرية للعزلة الضاربة على المنطقة”.
وأضاف إخلاف أن المنطقة باتت معزولة اليوم، كما بالأمس، عن العالم الخارجي، ما جعل الساكنة تقاوم بإمكانياتها الذاتية، من أجل إزاحة ما يناهز مترا ونصف متر من أكوام الثلوج من أمام عتبات بيوتها، لافتا الانتباه إلى أن الجهود غالبا ما تبذل في المحاور الطرقية المهمة بدل هذه المناطق شبه المنكوبة.
وأشار المتحدث إلى أنَّ معاناة الساكنة، خلال هذه الفترة من السنة التي تنخفض فيها درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، تتفاقم بحدة بسبب النقص الحاصل في المواد الغذائية، التي تأتي من خارج المنطقة، جراء توقف وسائل النقل، وبالنظر أيضا إلى قلة حطب التدفئة، وارتفاع سعره مقارنة مع إمكانيات الأسر المتضررة.
وشدد شباب متحدرون من تنكارف، من خلال تصريحات صوتية، على أنّ المبادرات المناسباتية لم تعط أكلها، وأن أمل الساكنة بات مرتبطا بتدخل الدولة، قصد دعم الأسر الهشة على الأقل خلال موسم الشتاء، عبر إعانات مالية كفيلة بضمان حاجياتها.
من جانبه، دعا عمر أزياد، فاعل جمعوي من أزيلال، الدولة إلى التدخل لدعم الأسر وتشجيعها على توظيف الطاقة الكهربائية، عوض الاعتماد على الطبيعة لتفادي هذه الإكراهات التي تطرح خلال موسم الثلوج، مشيرا إلى أن الوضع الهش للأسر القاطنة بالمناطق الجبلية، يتطلب إجراءات مشجعة ومشاريع تنموية فعالة، وليس تدخلات آنية غالبا ما تختزل في بعض المبادرات المحدودة؛ من ضمنها توزيع مواد غذائية.
وأثار أزياد انتباه المسؤولين إلى وضعية المتمدرسين والأطر التربوية، إذ وجدوا أنفسهم في عزلة تامة عن العالم الخارجي بسبب التساقطات الثلجية، وإلى وضعية النساء الحوامل ومدى استفادتهن من المبادرة التي دعت إليها المندوبية الإقليمية للصحة بأزيلال، الخاصة بالالتحاق بأقرب مركز صحي أو دار الأمومة من أجل الفحص قبل الولادة والتكفل بحالتهن الصحية.
جدير بالذكر أن المديرية الجهوية للتجهيز ببني ملال، باشرت عمليات إزاحة الثلوج، حيث سخرت حوالي 25 آلية قصد تدخل الفرق التابعة للمديريات الجهوية، وآليات الجماعات الترابية، وآليات مجلس الجهة، لهذا الغرض.
وفي الإطار ذاته، وضعت فرق المديريات الإقليمية للتجهيز برنامج عمل للتدخل العاجل واليومي، من أجل معالجة المقاطع الطرقية التي تعرف ظاهرة الصقيع خاصة بالليل، بغية تفادي كل الأخطار المحتملة، وقصد فك العزلة عن المناطق المتضررة من التساقطات الثلجية.