كشفت التساقطات الثلجية الأخيرة التي عرفتها قرى الأطلس، خاصة بإقليمي بني ملال وأزيلال، عن هشاشة البنيات التحتية، وضعف إمكانيات الدولة في تدبير “الصقيع” الذي شل حركة السير بعدد من الطرقات الفرعية، ما أدى إلى عزل كثير من المناطق الجبلية بالأطلسين.
وجراء هذه الإكراهات التي أنهكت اللجان الإقليمية المنوط بها تدبير إجراءات موجة البرد القارس، وبسبب اتساع رقعة المناطق المتضررة من التساقطات الثلجية، تزايدت دعوات نشطاء وفاعلين مدنيين قصد تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، لقطع الطريق على أصوات انتخابية تتهيأ من جديد لخوض غمار الانتخابات رغم فشل تجاربها.
وفي هذا الصدد، جاء في تصريحات مواطنين من جماعة بوتفردة وأغبالة بإقليم بني ملال لجريدة هسبريس أن ما تتحدث عنه الدولة على أنه “جهود مبذولة” لتحرير الطرق من الثلوج وفك العزلة عن القرى، يمكن اختزاله في جرافات معدودة على رؤوس الأصابع، وعدد محدود من العمال الذين يشتغلون في ظروف صعبة وبإمكانيات قليلة، فضلا عن تدخلات رجال السلطة والدرك والصحة.
حمو الإدريسي، من دوار آيت سيدي أحساين بجماعة أغبالة الترابية، استغرب ما آل إليه الوضع بمنطقة تضرب جذورها في التاريخ، مشيرا إلى أن “الساكنة لم تعد تتحمل هذا الوضع، جراء الإهمال الذي طال المنطقة على مستويات عدة، حيث مازال الدوار يشكو من الهدر المدرسي ومن غياب مستوصف صحي ومسالك وكل ما من شأنه الرفع من مؤشرات التنمية المحلية”.
ودعا المتحدث المسؤولين إلى زيارة المنطقة للاطلاع على أحوال الناس ومعرفة حقيقة المشاريع المنجزة، لافتا الانتباه إلى أن “دواوير مجاورة استفادت من قنطرتين مهمتين، لكن شاء القدر أن تجرفهما مياه الوادي، ما عمق جراح سكان المنطقة، خاصة خلال موجة البرد”، منتهيا إلى القول: “احنا محكورين والشكوى لله ولسيدنا”.
وبالدوار ذاته، كان متسوقون من مركز أغبالة يحمّلون بضاعتهم على الدواب من دوار إكاسن في اتجاه قرى سيدي أعمر أوحلي و”تازرا وتافزا” في ظروف أسوا، حيث يضطر البعض منهم إلى قطع حوالي 14 كلم مشيا على الأقدام على جنبات الوادي، وما زاد من حدة جراحهم انهيار القنطرتين المذكورتين المشيدتين على وادي آيت سيد أحساين.
الإدريسي موحا بن بوعزة، من دوار أيت سيدي أعمر أوحلي، قال: “حنا تنعيشو في القهرة وتمارا (…) والله الآن إلى نزعت البوط على رجلي غادي تشوفو الدم تيسيل من أصابعي، راه البلاد مكرفسة”، مشيرا إلى أنه يحمد الله لكونه يتمتع بصحة جيدة، مقارنة مع كبار السن بالدوارين الذين ينتظرون رحمة الله، مختتما تصريحه بالقول: “نسأل الله النصر لصاحب الجلالة، ملك الفقراء”.
ورصد مواطنون من الدواوير المذكورة حالات اجتماعية مختلفة، تصف عمق المأساة التي يعيشونها، مؤكدين أن آخر حالة كانت لرجل مريض جرى حمله على الدواب لمدة 3 ساعات لبلوغ إكاسن، بغية نقله إلى مشفى مركز أغبالة الذي يبعد عن المنطقة بحوالي 35 كلم، ما يفيد حاجة الناس الماسة إلى مستوصف صحي على الأقل.
وفي تعليقه عن الوضع، وبعد رصده للجهود المبذولة منذ سنة 2002 في كافة دواوير الجماعة، الهادفة إلى تحسين وضعية المواطنين بالعالم القروي، قال فؤاد حليم، رئيس جماعة أغبالة التابعة لإقليم بني ملال، إن “مطالب الساكنة المتعلقة خاصة بالصحة وفك العزلة تبقى من ضمن الاهتمامات الأولية للمجلس الجماعي والسلطات الإقليمية”.
وأضاف أن ترافع مجلسه عن منطقة آيت سيدي احساين، “أفضى إلى تخصيص موارد مالية مهمة من مجلس الجهة لفك العزلة عن المنطقة”، مشيرا إلى أنه يفضل أن تعطى الأولوية لإنجاز المقطع الطرقي عوض القنطرة التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية.
وذكر الرئيس أن “دوار إكاسن في حاجة إلى مركز صحي بالنظر إلى موقعه الجغرافي، حيث يربط بين باقي الدواوير المجاورة، ما قد يجعله وجهة أقرب إلى المرضى الراغبين في العلاجات الأولية المتحدرين من منطقة آيت سيدي آحساين”.
وبخصوص وضعية الطرق، يشار إلى أن خطيب الهبيل، والي جهة بني ملال خنيفرة، كان قد قام، رفقة السلطات المحلية والمديرين الجهوي والإقليمي للتجهيز والنقل، بزيارة تفقدية إلى بعض المحاور الطرقية والمناطق المتضررة حيث اطلع على تقدم أشغال فك العزلة وإزالة الثلوج ومعالجة المقاطع الطرقية المتضررة وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعدة محاور ومسالك جبلية.