على عكس ما انتظره كثيرون داخل التنظيم، استكان عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، إلى تهدئة محيط غاضب من سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الأمين العام الحالي للحزب ذاته، بسبب توقيعه اتفاقيات استئناف العلاقات مع دولة إسرائيل.
وخرج بنكيران، على غير العادة، مطالبا بمزيد من التفهم للقرار السيادي؛ وهو ما سيمكن العثماني من التقاط الأنفاس، أمام مد انتقادات قادها تيار محسوب على الأمين العام السابق، بعد خلاف تراكم منذ تنحية بنكيران عن رئاسة الحكومة.
وعلى امتداد الأيام القليلة الماضية، تفرقت الآراء داخل الحزب الإسلامي بين منتقدين لخطوة العثماني عبر استحضار مقاطع حديث ودعوات شخصية بثها للاحتجاج ضد إسرائيل وبين آخرين اعتبروا السلوك امتدادا لفهم الإسلاميين معاني الدولة، بعيدا عن العواطف.
وأمام القوة التي يحظى بها بنكيران داخل “البيجيدي”، واستمرار حضور علاقة “الشيخ والمريد” داخل مختلف الأحزاب وتتقدمها التقليدية ذات التوجهات الدينية، انكفأ المنتقدون إلى مشاركة شريط مداخلة بنكيران، دون توجيه لائمة توازي انتقادات العثماني.
وفي السياق، تقررت الدعوة إلى دورة استثنائية للمجلس الوطني لـ”البيجيدي” يوم الأحد المقبل، لمناقشة أداء التنظيم بخصوص التطورات السياسية المرتبطة بقضيتنا الوطنية الأولى للصحراء المغربية ومستجدات القضية الفلسطينية.
أحمد عصيد، الباحث في التراث الديني، اعتبر أن التنظيم الإخواني يخضع لمنطق الشيخ والمريد الذي يرتبط بنسق من المفاهيم التراثية التي تتضمن الطاعة والولاء والنصرة وغيرها من المفاهيم، مسجلا أن بنكيران بقي على الرغم من إقصائه من الحياة السياسية مؤثرا في التنظيم.
ويفسر عصيد، ضمن تصريح لهسبريس، هذا الأمر بكونه يبدو لهم ضحية، ولا يهتمون بأخطائه التي أدت إلى فشله في إعادة ترتيب علاقته بالنظام، وطبعا الوضعية العامة التي يوجد فيها الحزب حاليا لا يحسد عليها نظرا للتطاحن الموجود بين المبادئ المعلنة وإكراهات السياسة.
وأوضح المتحدث أن التوجهات العامة للسياسة ملكية بينما الحزب جزء من السلطة التنفيذية، مؤكدا أن موقف بنكيران القاضي بضرورة عدم التهجم على العثماني محكوم ببراغماتية سياسية؛ فالانتخابات على الأبواب، وليس في صالح “البيجيدي” إضعاف نفسه بسبب موضوع التطبيع مع إسرائيل.
وأردف عصيد أن موقف الحزب والتيار الدعوي في هذا الموضوع أصبح على هامش قرارات الدولة، كما أنه لم يلاق استجابة جماهيرية. ولهذا، اعتبر بنكيران أن الأولوية هي التفكير في مصلحة الحزب وليس فلسطين، خاصة أن الإخوان المغاربة أصبحوا في خوف شديد من أن يفقدوا مواقعهم داخل الدولة، فيضيع برنامج “التمكين” الذي تهدده الخلافات الداخلية.