صدر حديثا للمخرج المغربي محمد الشريف الطريبق كتاب بعنوان “ما هي السينما؟ كتابات وتأملات لمحاولة الفهم”.
والكتاب الصادر عن دار النشر “سليكي إخوان” بطنجة استمرار لذلك المجهود الفكري النقدي الذي يواصله الشريف الطريبق تزامنا ومصاحبة لممارسته الإبداعية الإخراجية؛ فهو يتخذ شكل دراسة تنبع من وحي تأمل التجربة الذاتية بتراكمها وانعطافاتها، وفي الوقت ذاته من ذاكرة المشاهدة والقراءة المعمقة للسينما، كإنتاج فيلمي ونقدي أيضا.
“من الشعر إلى الحكاية”، “الواقع لغة السينما”، “الفيلم الوثائقي..محاولة فهم”، “الفيلم الكلاسيكي كفرجة مطلقة”، “المواجهة”، “باترسون..الهايكو سينمائيا”، “أكون أو لا أكون”، “الشريط الصوتي”، “من خروج العمال من المعمل إلى السيلفي” .. هي محاور توزعت بينها تأملات المؤلف في إشكاليات مزمنة وأخرى متجددة يطرحها الخطاب السينمائي.
في تقديمها للكتاب بعنوان “محمد الشريف الطريبق: الوعي بالذات السينمائية”، تلاحظ الباحثة جميلة عناب أن انشغال المخرج والناقد محمد الشريف الطريبق بالصورة عموما، وبالسينما على وجه التحديد، تؤطره السينما باعتبارها ترجمة فنية لدهشة الفكر، وأيضا باعتبارها آلية لإنتاج دورات فكرية وإبداعية جديدة غير محصورة بنموذج جمالي ثابت.
وتضيف عناب: “فالسينما في نظره تدفعنا إلى تغيير نظرتنا للحياة وتساعدنا على إعادة اكتشاف الحواس وتربيتها وتجديدها وجعل الأشياء والتفاصيل التي حولنا أقل تفاهة، وإعادة اكتشاف ما يبدو اعتياديا وعابرا والتمتع به”.
إن الكتاب، ترى جميلة عناب، بحث مستمر عن السينما، وعن نماذجها الأكثر إفادة وقربا من تصوراته الذاتية عنها، من وجهة نظر مخرج ممارس ومتلق مضطلع وعارف باللغة السينمائية، وبحدودها وتعقيداتها وانزياحاتها وتقاطعاتها مع أشكال التعبير المجاورة لها.
بالنسبة إلى الباحثة، يمكن اعتبار الكتاب سردا للذات السينمائية أو نوعا من “الميتا-قراءة” للسينما، كما يمكن النظر إليه على نحو واضح، باعتباره “سيرة ذهنية” استرجع فيها الكاتب أطوارا من حياته السينمائية كاشفا عن مرجعياته الفكرية والثقافية والفنية.
وبهذا المعنى، يضع الطريبق القارئ “في قلب ما اعترضه من ترددات وتقلبات واضطرابات، ويطلعنا أيضا على ما حازه من معارف سينمائية (على مستوى التفكير في السينما، وليس فقط على مستوى تجربة الكتابة أو الإخراج أو النقد)، وما اصطدم به من تيارات فكرية وإيديولوجية”.
وقبل هذا الإصدار الجديد، كان الطريبق أصدر عام 2017 ضمن منشورات جمعية النادي السينمائي لسيدي قاسم “لغة السينما .. من الإبهار إلى شاعرية التقشف”، الذي ضم مجموعة مقالات نقدية تتناول عوالم وزوايا مختلفة في الصناعة الإبداعية للفيلم.
يذكر أن محمد الشريف الطريبق من مواليد العرائش، وأخرج سلسلة من الأفلام القصيرة وفيلمين طويلين هما “زمن الرفاق” و”أفراح صغيرة”، بالإضافة إلى أعمال تلفزيونية.