مستمرا في وضع إمساك العصى من الوسط، يصر سعد الدين العثماني على مواصلة استحضار قبعتي “رئاسة الحكومة” و”الأمانة العامة” في مسلسل التجاذبات التي يكابد عناء الخروج منها، بسبب اتفاق استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب.
ويترنح كلام العثماني بين التوقيع بصفة رجل دولة حول اتفاقية سيادية في اللقاءات الحزبية، مبديا بذلك تحفظا على ما جرى، ومحاولا تفادي الحرج أمام الأعضاء الذين بادر بعضهم إلى المطالبة بعقد مؤتمر استثنائي، يتداوله “برلمان البيجيدي” نهاية الأسبوع الجاري.
ولا تزال تركة ماضي “مناهضة التطبيع” تشل تحركات العثماني في مسار العلاقات الدبلوماسية الجديدة، وهو حاول استدراكه بتخصيص مجال العلاقات الخارجية للملك، ثم يليه رئيس الحكومة، باستحضار ما تقتضيه من مواقف على قياس الدولة ورهاناتها المستقبلية.
ولأول مرة في مسار تولي سعد الدين العثماني، يلجأ الرجل إلى استعمال القبعتين بشكل متفرق؛ فأمام الملك، أبدى ترحيبا وتوقيعا بمضامين التعاقد ثلاثي الأطراف. وفي حديثه الداخلي، يبدي ارتباكا، خصوصا أن حزب “المصباح” ظل لسنوات يعتبر فلسطين مرجعية ثابتة.
وبالنسبة لمحمد ضريف، الأستاذ الجامعي المتخصص في التنظيمات الإسلامية، فالسياسيون المغاربة لهم تصورات خاطئة تلقنهم أن العمل الميداني سيمكن من تبرير الشيء ونقضيه في الآن ذاته، مقرا بكون هذا لا يستقيم مع البراغماتية إطلاقا.
وأضاف ضريف، في تصريح لجريدة هسبريس، أن هذا المسلك يعود إلى غياب الشفافية، مشيرا إلى أنه ليس بجديد؛ فهو عماد وصول الإسلاميين إلى السلطة، فخلال سنة 2011، قدم خطاب محاربة الفساد والاستبداد للقواعد، وغياب الخطر والحزب العادي للدولة.
وأوضح الأستاذ الجامعي أن المفاجأة غائبة عن سلوك العثماني؛ فإلى عهد قريب، كان كل شيء جيد ينسبه عبد الإله بنكيران إلى نفسه إبان تولي رئاسة الحكومة، وعندما تسوء الأمور يكتفي باعتبار نفسه مجرد مساعد للملك محمد السادس.
وأكمل المتحدث قائلا: العثماني ظهر وكأنه لا يعلم أي شيء؛ فإلى حدود أشهر قليلة، ظل يصرح بأن التطبيع مرفوض، على الرغم أن الاستعدادات للعلاقات بين الرباط وتل أبيب انطلقت منذ 2018، مسجلا أن “البيجيدي” ماض بالتصورات نفسها، والمقبل الآن هو تبرير الفشل باعتبار نظام الحكم لا يسمح بهامش إصلاح أكبر.