تعاني عدد من الدواوير التابعة لجماعة إكنيون بإقليم تنغير، خاصة الواقعة بالمحيط المنجمي “لمنجم الفضة”، من العزلة القاتلة التي فرضتها الطبيعة على قاطنيها من جهة، ومن التهميش والإقصاء اللذين فرضتهما الجهات المسؤولة على مستوى الإقليم والمركز من جهة أخرى؛ ما جعلها تلك الدواوير تعاني تأخرا في شتى المجالات.

مظاهر التهميش والحرمان، التي تتخبط فيها دواوير إغسلن وتملالين وبوهكو وإكيس وتوريرت تاملالت، عكّرت صفو حياة السكان وحوّلتها إلى شبه مستحيلة؛ فلم تتمكن بعد من الظفر بحياة كريمة، وحقها في التنمية… وعلى الرغم من كل هذه المحن، فإن الأمل يبقى عالقا في نفوس السكان في تنمية هذه الدواوير وإخراجهم من الفقر والحرمان.

ويرى عدد من سكان هذه الدواوير الواقعة بالقرب من المحيط المنجمي، الذي تستغله شركة معادن إميضر لاستخراج الفضة، أن المنطقة لا تستفيد من أي مشاريع تنموية أو اقتصادية، على الرغم من قربها من أكبر منجم للفضة بشمال إفريقيا، موضحين أن الجمعيات المحلية راسلت مرات عديدة الشركة سالفة الذكر من أجل توفير فرص الشغل والمساهمة في تجسيد مشاريع تنموية واقتصادية؛ إلا أن جل الرسائل لم تلق آذانا صاغية، بتعبيرهم.

لحسن أوحماد، من سكان دوار إغنسلن، قال إن “هذه المنطقة، وعلى الرغم من قربها من المحيط المنجمي، لم يسبق لها أن استفادت من أي مشروع ممول من طرف الشركة التي تستغل منجم إميضر للفضة”.

وأضاف أوحماد، في تصريح لهسبريس، أنه “حان الوقت لتمكين الدواوير الموجودة بالمحيط المنجمي من جهة إكنيون من الاستفادة، كغيرها من المناطق الأخرى، من المشاريع والمساعدات المالية التي توزعها الشركة”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “منجم إميضر للفضة، والذي يعد من أكبر المناجم بشمال إفريقيا، ليس حكرا على منطقة معينة؛ بل لساكنة جماعة إكنيون نصيبها منه”، لافتا إلى “أن هناك جهات تحاول وضع تحديد ترابي جديد لضم هذه الدواوير المحيطة بالمنجم والتابعة لإكنيون إلى جماعة أخرى، قصد حرمان جماعة إكنيون من الاستفادة من أي مشروع أو مساهمة من شركة معادن إميضر”.

من جهته، قال عبد الرحمان بن داود، واحد من المتضررين من “تهميش إدارة منجم الفضة”، إن سكان إكنيون يعيشون التهميش والفقر التنموي والاقتصادي، ولم يعد بمقدورهم التزام الصمت، مؤكدا أن “استمرار إقصاء هذه الدواوير من نصيبها من ثروة منجم إميضر يمكن الدفع بشباب المنطقة إلى الدخول في حراك شعبي”، بتعبيره.

وأوضح المتحدث نفسه، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “المادة 169 من اتفاقية منظمة العمل الدولية تقر بوجوب تحكم السكان الأصليين في ثرواتهم الطبيعية وأساليب معيشتهم وتنميتهم الاقتصادية”؛ لكن “الدواوير التابعة لإكنيون والقريبة من المحيط المنجمي أصبحت عبارة عن مناطق منكوبة، بسبب تنامي نسب الفقر بشكل مهول جدا”، يضيف المحدث، الذي لفت إلى أن “المنجم تم اكتشافه واستغلاله منذ عقود؛ لكن الحياة بالدواوير القريبة منه لم تتغير، وبقيت على ما كانت عليها”، وفق تعبيره.

وأضاف بن داود أن الوقت حان لتمكين دواوير جماعة إكنيون من نصيبها في الثروة المعدنية المستخرجة من منجم إميضر، عبر تنزيل مشاريع تنموية واقتصادية قادرة على انتشال السكان من براثن الفقر والتهميش، مشيرا إلى أن الإدارة لم تعد تعير أي اهتمام بمشاكل السكان؛ ما قد يجعلها تتصادم مع حراك جديد يقوده الفاعل المحلي الشاب، حسب تعبيره.

ومنذ صباح اليوم السبت، تحاول جريدة هسبريس الإلكترونية الاتصال بمدير شركة معادن إميضر لنيل تعليقه في الموضوع؛ إلا أن هاتفه ظل يرن دون مجيب.

hespress.com