في محاولة لتصريف الأزمة الداخلية ومواجهة عودة الحراك الشعبي الذي يهدد وجوده، يحاول النظام العسكري الجزائري أن يخلق لنفسه أعداء في الخارج؛ فهو عادة ما يهاجم المصالح المغربية بدعوى أنها هي المسؤولة عن أي انفلات داخلي، فيما اختار هذه المرة الهجوم على إسرائيل و”الصهيونية”.

ويسعى النظام العسكري الحاكم في الجزائر إلى إجهاض أي محاولة للخروج إلى الشارع، باستخدام وسائل الترهيب والقمع واستغلال حالة الطوارئ الصحية لتوسيع دائرة التسلط وسجن الشباب العاطل، بينما يبدو أن هناك بوادر قوية لعودة الاحتجاجات إلى الشارع، بعد تبخر حلم الدولة المدنية وعودة الحرس القديم إلى السلطة.

وباتت الجزائر تنسب أي توترات داخلية تواجهها إلى المغرب، خصوصا بعد استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب؛ إذ اعتبر بلاغ لوزارة الدفاع بالجزائر أن المشاركة في قمة دول الساحل “أمر غير وارد وغير مقبول. كما أنها دعاية لا يمكن أن تصدر إلا من جهلة يعملون بأوامر من مصالح نظام المخزن المغربي والصهيونية”، وفق صياغة البيان.

وقال الخبير في الشؤون الأمنية محمد الطيار إن العسكر الجزائري يشكل “فيروسا” ينخر المنطقة، وضيّع الكثير من الفرص على مستوى الاتحاد المغاربي بسبب تعنته وحرصه على خلق بيئة غير آمنة وغير مستقرة في المنطقة، مبرزا أن “المنطقة المغاربية هي المنطقة الأكثر ضياعا للفرص في العالم، بحيث إن التجارة بين البلدان تشكل أقل من 5%، وهي الأضعف في كل المعاملات التجارية في العالم.

وأضاف الخبير في الشأن الاستراتيجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “بسحب التقارير التي يصدرها البنك العالمي، فإن هذه المنطقة هي الأقل اندماجا في العالم. هذه الدول المغاربية لديها 6500 كلم من السواحل وتشكل 28% من السواحل العربية، كان سيكون اقتصادها الأول على مستوى المنطقة العربية، لكن النظام العسكري الجزائري اختار التفرقة ونشر الأزمات. هو يشكل فيروسا ينخر المنطقة”.

وتابع الطيار بأن “الملك محمدا السادس حاول مرات عدة الانفتاح على الجار الشرقي وطرح آليات للحوار، بحيث إنه يعي جيدا الفرص الضائعة وأن قرار فتح الحدود سيكون له تأثير إيجابي على التنمية المحلية، إلا أن القادة الجزائريين اختاروا التصعيد”، مبرزا أنه “منذ 7 سنوات، أصبح الاقتصاد الجزائري متهالكا ومفلسا في ظل انتشار الفساد وضعف القدرة الشرائية التي تراجعت بأكثر من 50%، وتوقيف المشاريع الاستثمارية وانخفاض عائدات شركة سوناطراك، وارتفاع البطالة إلى 20%”.

وشدد الخبير ذاته على أن “النظام العسكري يتحمل الوضعية التي أصبح يعيش عليها الشعب الجزائري”، موردا أنه “منذ عام 2014، أصبحت هناك موازنات أكثر تقشفا. وهذا لم يدفع إلى التراجع عن رفع ميزانية الجيش، وهي الأولى في إفريقيا”، معتبرا أن “النظام الجزائري ينفق الأموال على الأسلحة ولا يولي أهمية للمواطن الجزائري”.

وأبرز أن “هناك العديد من المؤشرات على أن عُمر النظام العسكري أصبح قصيرا بشكل ملحوظ، بحيث إن المعطيات تبين أن الشعب أصبح يعي بأن العسكر هو سبب وضعيته المزرية؛ فالمظاهرات عادت بمناسبة الذكرى الثانية للحراك الشعبي، وسقوط النظام العسكري هو مسألة وقت وسيؤثر إيجابيا على المنطقة المغاربية”.

وخلص الطيار إلى أن “النظام يتصرف بمنطق العصابة في تعامله مع الشعب، فهو يريد أن يبقى الشعب في وضعية تخلف وفقر، ويحاول أن يظهر بأنه يقوم بإصلاحات داخلية من خلال الزج بجنرالات داخل السجن بتهم الفساد والتأثير على معنويات الجيش”، مختتما بالقول: “أصبحنا نعيش الزمن الأخير من عمر النظام العسكري في الجزائر، وهو يعتمد على خطاب متخلف من خلال ورقة الاستهداف من الخارج”.

hespress.com