يرى عدد من المهتمين بالشأن التنموي بمدينة زاكورة أن هذه الأخيرة عانت وتعاني “الفقر التنموي” لسنوات عديدة، بسبب البرامج التنموية “الفاشلة” التي يتم اعتمادها بالمدينة وبعض المناطق الأخرى بإقليم زاكورة، مشددين على أن هذه “السياسة التنموية الفاشلة” ساهمت في تردي واقع العديد من القطاعات الحيوية.

في ظل جملة من النقائص التي تعرفها القطاعات التنموية الحيوية بمدينة زاكورة، أعدت جريدة هسبريس الإلكترونية ربورتاجا يضم رأي بعض المتدخلين وجمعيات المجتمع المدني ومواطنين، بغية الوقوف على أهم المعيقات التي أدت إلى تعثر التنمية وفشل البرامج التنموية على صعيد مدينة زاكورة أو “غزالة الصحراء”.

تنمية متعثرة

أكد حسن أبرنوص، فاعل جمعوي بمدينة زاكورة، أن تعثر البرامج التنموية وفشلها في تحقيق أهدافها جعل أحلام الساكنة المحلية تؤجل إلى أجل غير مسمى، موضحا أن المدينة والإقليم عموما يتوفر على مؤهلات كثيرة قادرة على أن تجعل التنمية ممكنة، وفق تعبيره.

بدورها، قالت حنان الصالحي، فاعلة جمعوية وحقوقية بمدينة زاكورة، إن التنمية على صعيد هذه المدينة عرفت في السنوات الأخيرة تعثرا ملحوظا، مبرزة “أن المدينة في حاجة ماسة إلى مشاريع تنموية قادرة على الاستجابة لمطالب المواطنين”.

وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن الوضع التنموي الحالي المزري بمدينة زاكورة يعتبر خير دليل على فشل البرامج التنموية المعتمدة من قبل المسؤولين المنتخبين منهم وممثلي الإدارة الترابية، مشيرة إلى أن من بين أبرز الأسباب التي تؤدي إلى فشل البرامج في جميع القطاعات هو غياب الانسجام بين بعض الأطراف المعنية بالتنمية.

من جهته، قال عبد الكريم نجار، من ساكنة مدينة زاكورة، إن التعثر التنموي الذي تعرفه مدينة زاكورة منذ عقود من الزمن ساهمت فيه أطراف عديدة خاصة المنتخبين والسلطات الإدارية، مضيفا: “الدولة المركزية بدورها ما زالت تمارس سياستها الإقصائية في حق ساكنة هذه المدينة والإقليم بصفة عامة، من خلال الميزانيات الضعيفة التي ترصدها للمشاريع بها”.

وأضاف نجار، في تصريح لهسبريس، أن مدينة زاكورة، التي تعتبر عاصمة الإقليم الذي تم إحداثه منذ 9 أبريل 1997 بعد تقسيم إقليم ورزازات الشاسع، لم تظهر عليها أي علامات التغيير التنموي، مشددا على أن الحالة التنموية بقيت على حالها في انتظار مسؤول منتخب أو مسؤول إداري قادر على وضع اليد على مكامن الخلل لضمان انطلاقة تنموية مشرفة، وفق تعبيره.

البطالة والفقر

تزخر مدينة زاكورة مثلها مثل باقي المدن المغربية بمؤهلات كثيرة يمكن أن تساهم في تقليص نسبة البطالة في صفوف الشباب، لو تم استغلالها أحسن الاستغلال، يقول جواد عكور، من الشباب العاطلين بالمدينة ذاتها، موضحا أن قضية البطالة تعد من أكبر المشاكل التي تؤرق الشباب بزاكورة حاليا، بتعبيره.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن غياب فرص العمل بالمدينة ساهم في انتشار البطالة وارتفاع معدل الهجرة غير النطامية، إلى جانب تفشي مظاهر التهميش والإقصاء وغياب البرامج التنموية، لافتا إلى أن واقع المدينة وشبابها في الوقت الراهن مؤلم كثيرا، مضيفا: “نحتاج إلى التفاتة ملكية لتحريك المياه الراكدة”، وفق تعبيره.

“المؤهلات التي تزخر بها مدينة زاكورة، والإقليم عموما، لم تستغل بالشكل الصحيح من لدن المسؤولين” تقول نعيمة أيت جابر، مجازة وعاطلة عن العمل، مضيفة أن “المدينة التي أصبحت تلقب بغزالة الصحراء محتاجة إلى مشاريع تنتشل الشباب من براثن البطالة والفقر”، مشيرة إلى أن نسبة البطالة ارتفعت في مدينة زاكورة؛ ما يعني أن الفقر بدوره ارتفع بشكل أكبر، بتعبيرها.

وأضافت نعيمة، في تصريح لهسبريس، أن “لعنة الفقر والبطالة ستبقى ربما قدرا محتوما لشباب وساكنة المدينة ما دامت الجهات المسؤولة لم تستطيع استغلال ما يمكن استغلاله في إخراج مشاريع تنموية إلى الوجود، وتوفير فرص الشغل مثل باقي المدن المغربية الأخرى”، مشيرة إلى أن “هناك تقصيرا من لدن جميع المتدخلين من أجل إيجاد الحلول الممكنة لمشاكل البطالة التي تنخر الشباب وترمي غالبيتهم إلى البحار بحثا عن هجرة غير نظامية إلى أوروبا”، بتعبيرها.

تجاهل محلي ومركزي

من زار مدينة زاكورة منذ سنوات وعاد ليزورها خلال هذه الأيام لن يكتشف أي تغيير ملحوظ في التنمية والتأهيل وفرص الشغل وأماكن عمومية للترفيه، باستثناء التأهيل الذي شمل الشارع الرئيسي المار بالقرب من العمالة؛ ما جعل الساكنة المحلية وفعاليات المجتمع المدني تطلق صرخة استغاثة إلى المسؤولين المركزيين من أجل تخصيص ميزانيات لهذه المدينة لإنجاز مشاريع تنموية قادرة على تغيير ملامح من حسن إلى أحسن، وفق تصريحات متطابقة للساكنة المحلية.

وفي هذا الإطار، قال محمد أبركا، فاعل جمعوي، إن مدينة زاكورة تعتبر “نموذجا للمدن التي تتهرب الدولة المغربية من خدمتها قصد تنميتها لتكون مصدرا وموردا اقتصاديا يساهم في توفير فرص الشغل والمساهمة في الرفع من الاقتصاد الوطني”، مشيرا إلى أن زاكورة في حاجة إلى ثلث الميزانيات التي يتم صرفها على بعض المدن مثل الرباط والدار البيضاء وغيرهما في مشاريع لا تدخل ضمن الأولوية، وفق تعبيره.

وأضاف المتحدث ذاته أن التجاهل المقصود في حق سكان مدينة زاكورة جعلهم فئة غير مسموح لها بالعيش الكريم بعد أن فقدت حقوقا كثيرة وجب توفيرها إلى أن بات من غير حقها حتى الحلم بمستقبل أفضل، مضيفا: “الساكنة بعد طول الانتظار استسلمت للأمر الواقع وتقضي باش ما جاب الله، وتنظر الفرج من الله ومن الملك محمد السادس”، يقول المتحدث ذاته.

وزاد أبركا قائلا: “من يزور هذه المدينة سيصادف واقعا مأسويا، حيث تغيب أبسط ظروف ومتطلبات الحياة بسبب غياب مشاريع تنموية من شأنها أن تخلق فرص الشغل وغياب مرافق عمومية اجتماعية لتوفير أماكن للترفيه لأبناء المدينة وإظهار مواهبهم في مختلف المجالات”، بتعبيره.

مسؤول يتحدث

وتعليقا على الموضوع، قال مسؤول بمدينة زاكورة، إن الحديث عن فشل البرامج التنموية لا يمكن أن ننسبه فقط إلى مدينة زاكورة، بل في جميع مناطق المغرب كانت البرامج التنموية القديمة فاشلة بشكل كبير وتشوبها اختلالات كثيرة؛ ما جعل الملك محمدا السادس يحدث لجنة لصياغة النموذج التنموي الجديد القادر على تحقيق طموحات المواطنين وانتظاراهم، وفق تعبيره.

وأضاف المسؤول ذاته، الذي فضل عدم البوح بهويته للعموم، “رغم أنني مسؤول منتخب بالمدينة وضمن الأغلبية فإنني أوافق الساكنة الرأي بخصوص السياسة التنموية الفاشلة بالمدينة”، موضحا: “المدينة كان بإمكانها أن تصبح قطبا صحراويا في التنمية والاقتصاد والسياحة، لكن هناك تقصير ليس فقط من طرف المنتخبين بل أيضا من السلطة”، وفق تعبيره.

وأشار المصدر ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن تصفية الحسابات السياسية بين مكونات المجالس المنتخبة والسلطات الإدارية تضر بالمصالح العامة للمواطنين، مشددا على أنه “لا بد من فتح نقاش عمومي حول ما تعيشه المدينة من ركود تنموي وفي جميع القطاعات، لإيجاد الحل الأنسب”، وفق تعبيره.

وأوضح المتحدث ذاته أن الركود التنموي، الذي تعيشه مدينة زاكورة والإقليم عموما، يتحمل مسؤوليته المجالس المنتخبة أولا والسلطات الإدارية ثانيا والحكومة ثالثا، مضيفا: “من العيب والعار أن نطالب كل مرة الملك محمد السادس من أجل زيارة المدينة لتحريك عجلة التنمية، ونعتذر له من هذا المنبر لأن بعض المسؤولين يجبرون المواطنين على مطالبة أعلى سلطة في البلاد بالتدخل”، وفق تعبيره.

hespress.com