الغنوشي .. غشاوة على بصر تونس
صورة: أرشيف


سعيد ابن عائشة


الجمعة 26 فبراير 2021 – 15:44

تحية للشعب التونسي الشقيق..

وبعد،

كمواطنين مغاربة لا يمكننا إلا أن نتمنى الخير لكل بلد يضم إخوتنا الأقرب إلينا حضاريا وثقافيا؛ لكن هذا “الغنوشي” الجاثم على قلب تونس، شأنه شأن الأزمة الاقتصادية التي تمر منها البلاد، يواصل تجاوز حدود اللباقة المفترضة في رجل دولة، يقود المؤسسة التشريعية لبلاد الياسمين، بإصراره على التطاول على المغرب، على مرأى ومسمع من “إخوانه” الذين يقودون الحكومة المغربية.. ولأن “الإخوان” لهم مشروعهم الخاص من المحيط إلى الخليج، فإننا لا نتوقع أن يتم استنكار تصرفات الغنوشي إزاء المغرب من لدن حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح.. وبطبيعة الحال، لن يتحدث عبد العزيز أفتاتي، أو أبو زيد المقرئ الإدريسي، أو عبد الإله بنكيران، أو سعد الدين العثماني؛ لأن هناك خلافا بين “واجب الأخوة” و”واجب الأخونة”، هذا الواجب الأخير هو الذي دفع أعضاء حزب العدالة والتنمية إلى تنظيم استقبال حافل للغنوشي بمطار محمد الخامس، في وقت من الأوقات، حضره ممثلون من الحزب وحركة التوحيد والإصلاح وكان بينهم سعد الدين العثماني…

مثل كل غشارة وقصر نظر، أعطى راشد الغنوشي لنفسه حق إعادة تقسيم البلدان المغاربية، حسب معاييره الموغلة في التشدد، والتملق للدولة الوافدة على شمال إفريقيا.. لكي يقول بأنه يمكن تصور انطلاقة جديدة للمغرب العربي.. انطلاقة من ثلاثة بلدان وهي الجزائر وليبيا وتونس.. ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فقد تصور الغنوشي أن حل مشاكل تونس يجب أن يتم على حساب ليبيا، من خلال إعادة تصدير العمال التونسيين إليها، وكأنه غير معني بالأزمة التي تنخر مفاصل هذا البلد، نتيجة المؤامرات العابرة للقارات..

بالنسبة إلى الغنوشي، يمكن تأسيس “مغرب عربي” دون “المغرب”، فقط لأنه شرع فمه في مقابلة مع إذاعة تونسية، متجاوزا حجمه الحقيقي، وتبقى قمة “قلة الأدب” هي اعتبار رئيس البرلمان التونسي الأرض الليبية مجرد أرضية لحل المشاكل التونسية؛ في حين أن ما تحتاجه ليبيا هو حوار ناجح بين الفرقاء، حتى تستعيد عافيتها.. وهذا ما يفعله المغرب؛ ولكن الغنوشي واحد من رسل التقسيم والخراب في المنطقة، بخلفية معروفة.. وقمة التناقض هي أن يوجد شخص لا يؤمن بالمؤسسات على رأس مؤسسة..

اليوم، يهاجم الغنوشي المغرب، ويستعمل تسمية متجاوزة، للتحالف المغاربي.. بمحاولة بث سموم التفرقة بينه وبين إخوته في البلدان المغاربية، وقبلها أعطى لنفسه الحق لمهاجمة القرارات السيادية للمغرب، عندما قررت المملكة تطوير علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، معتبرا أن ذلك القرار يشكل خروجا عن الإجماع العربي في القضية الفلسطينية.. والواقع أن الجهود التي يبذلها المغرب من أجل فلسطين هي جهود واقعية ملموسة، عبر لجنة القدس وبيت مال القدس.. بالإضافة إلى أن المغرب كان البلد الوحيد الذي اشترط في كل تقارب مع إسرائيل حماية حقوق الفلسطينيين أولا.

عمليا، لم تعد للغنوشي أية قيمة سياسية، ولا يمكنه أن يعطي للمغاربة الدروس في التحالف الخماسي المغاربي؛ لأن أصل الفكرة من المغرب، وسقوط هذا الصنم قادم لا محالة، بعدما فقد شعبيته حتى داخل حركة النهضة نفسها، علما أنه تجاوز عتبة الثمانين سنة، ولم يعد عامل السن يلعب في صالحه من أجل الاستمرار في القيادة؛ ولكن المشكلة التي يعانيها المغاربيون مع هذه التيارات، التي وصلت إلى السلطة باستغلال “ثورات الشارع”، هي استحواذها على بعض المؤسسات.. هنا وهناك، ولكن يقظة الشعوب المغاربية وتآخيها كفيلة بوضع حد لوصول هذا النوع من المسؤولين إلى السلطة.. وعاشت الأخوة الشعبية في المغرب وتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا..

البلدان المغاربية تونس حركة التوحيد والإصلاح حزب العدالة والتنمية راشد الغنوشي

hespress.com