قال أنيس بيرو، القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، إنه “لا يمكن إنجاح المسلسل الديمقراطي دون إعطاء المرأة المكانة المحورية التي تستحقها داخل المشهد السياسي الوطني؛ فلا يمكن القيام بالفعل الديمقراطي دون تولي المرأة مناصب المسؤولية، في البرلمان والحكومة ورئاسة الجهات ورئاسة الحكومة”.

وأضاف بيرو، خلال حلوله ضيفاً على ندوة افتراضية نظمتها مؤسسة “كونراد أديناور ستيفتونغ”، أن “الكثير من الأشياء الإيجابية قد حققتها في مسيرتي منذ 38 سنة نتيجة العمل مع نساء طموحات”، مبرزاً أن “التسويق السياسي مصطلح لا أحبذه كثيراً؛ لأنه يعطي تأويلات بأن السياسة مجال تجاري فقط”.

وأوضح الوزير الأسبق، في الندوة عينها التي تطرقت إلى دور التسويق السياسي في تعبئة الناخبين، أن “التسويق السياسي يستند إلى المقاربات الميركانتيلية والمنافسة غير الإنسانية، وهي سمات بعيدة كل البعد عن جوهر السياسة القائم على أساس القيم الإنسانية والأخلاق”.

وزاد القيادي التجمعي: “التصور الشخصي الذي أحمله للسياسة يقوم على التضحية بناءً على رؤية واضحة في المجال السياسي؛ فتجربتي السياسية، الممتدة على 25 سنة، تفيد بأنه لا مكان للعواطف والسذاجة في العمل السياسي، ولكن من الأساسي استحضار القيم الأخلاقية في ممارسته”.

وشدد الفاعل السياسي ذاته على أن “السياسة ليست مجرد سوق تجاري يرمي إلى بيع منتج معين، ولو كانت جودته سيئة؛ بل أفضل الحديث عن مصطلح التواصل السياسي، وهو ما يُشاطرني فيه العديد من السياسيين الفرنسيين، فهو الذي يتماشى مع الرؤية التي أتبناها في العمل السياسي”.

واسترسل المتحدث: “على الفاعل السياسي تقاسم طموحه ونظرته إلى الأشياء مع المجتمع”، معتبراً أنه “يجب الاعتماد على الكلمة المناسبة والصحيحة المعبرة عن المحتوى والفكرة بإخلاص في سياقها، من خلال الاستعانة بالخطاب المناسب والبيداغوجية الملائمة”.

“يمكن أن تتوفر على أفضل المرشحين خلال العملية الانتخابية؛ ولكن إن تمنحه القيمة الضرورية، فإنه لن يقنع الناخبين، لأن العملية السياسية تتطلب اختبار الخطاب الملائم والبيداغوجية المناسبة للسياق”، بتعبير بيرو، الذي مضى شارحا: “الأهم في التواصل السياسي هو القدرة على تقاسم الحماس والثقة مع الآخرين”.

ويرى القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار أن “الهدف من التواصل السياسي هو تعبئة الناخبين عبر توفير مجموعة من العناصر الأساسية؛ وهي الشخص والمشروع والرؤية، فالخطاب ليس موحداً، لأن فئات الناخبين متعددة، وهو ما نصادفه خلال الحملات الانتخابية، حيث نستحضر فئات الشباب والمقاولين والصناع التقليديين والنساء وغيرها”.

وأورد بيرو أن “الخطاب السياسي ينبغي أن يتلاءم مع خصوصيات كل شريحة مجتمعية. كما أن التعبئة تعني تحسين الأوضاع المحلية، فالحصول على المقعد ليس الأهم، بل تنفيذ البرامج ومراعاة طموحات الفئات المجتمعية، حتى تتطور الأوضاع الاجتماعية نحو الأحسن كل حين، نظراً للانتظارت الكثيرة للسكان بعد التصويت على المرشح”.

وذكر المتدخل أن “الخطاب يجب أن يتلاءم أيضا مع السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية التي يعيش فيها المرشح السياسي؛ فمثلا السياق السياسي الراهن يتجسد في النجاح الكبير الذي حققته الدبلوماسية المغربية، والسياق الصحي يتمثل في أزمة كوفيد-19، التي ترتبت عنها أضرار اقتصادية واجتماعية أثرت على أوضاع المواطنين”.

لذلك، دعا الوزير الأسبق إلى “أهمية إرجاع الثقة لدى الناخبين، وإيمانهم بمدى قدرة السياسيين على تدبير الأزمة، وإبراز الكفاءات القادرة على حل المشاكل القائمة”، مبرزاً أن “التواصل السياسي يتطلب المعرفة الجيدة للناخبين المتنوعين”.

وقال المتحدث عينه: “لدينا حالة ملموسة في بركان خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2016، حيث توفرنا على أفضل المرشحين بتأكيدات المواطنين، وهو مرشح التجمع الوطني للأحرار الذي كان رجل أعمال ناجحا، فضلا عن تسلحه بالقيم الأخلاقية المثلى؛ ولكن لم يكن ذلك كافياً، لأن هناك اعتبارات أخرى يجب الانتباه إليها، ربما لم نشتغل عليها جيداً”.

وأردف: “لا بد أن من اختيار تيمة محددة في التواصل السياسي، تكون قريبة من الناخبين، ما يتطلب العمل عليها بشكل جيد، لأنها ستعيد الثقة إلى المرشح”، مستطردا: “التواصل السياسي يتطلب كذلك الإستراتيجية الواضحة، التي ينبغي أن تكون فريدة أيضا، إلى جانب اللجوء إلى وسائل الإعلام، ضمنها الرقمي”.

hespress.com