في ظروف استثنائية، رحل الممثل المغربي البارز البشير السكيرج، بعد مسار مسرحي وتلفزي وسينمائي كان فيه وجها مألوفا لدى المغاربة، والمحيطين المغاربي والعربي.

ونعى المسرح الوطني محمد الخامس الفنان البشير السكيرج، على موقعه الرسمي، “متقدما بهذه المناسبة الأليمة، باسم مؤسسة مسرح محمد الخامس، بأحر التعازي لعائلة المرحوم وللأسرة الفنية”.

وارتبط اسم السكيرج (81 عاما) بأفلام من قبيل “البحث عن زوج امرأتي”، الذي عرف متابعة واسعة، وطبعته مشاركته فيه، وهو ما ظهر أثره، وفق كتابات نقاد سينمائيين مغاربة، على الجزء الثاني من الفيلم “لالة حبي” الذي غاب عنه الفنان الراحل.

كما عرف السكيرج بمشاركته في أفلام مثل “باديس” و”غراميات الحاج المختار الصولدي”، وظل حاضرا في الذاكرة الشعبية بمشاركته في مسلسلات تلفزية من قبيل “الحراز”.

ومن أوائل ما شارك فيه السكيرج المسرح الإذاعي، الذي عرفه منذ مطلع ستينيات القرن الماضي، بعدما درس المسرح بفرنسا وإسبانيا.

وفي مساره الفني، اشتغل الفقيد مع مخرجين مغاربة ذائعي الصيت أمثال الجيلالي فرحاتي، وفريدة بليزيد، ومحمد عبد الرحمن التازي، ومصطفى الدرقاوي، وكان وجها تلفزيا مألوفا في البيوت المغربية.

ومن بين التعبيرات الفنية غير المعروفة على نطاق واسع للسكيرج تعبيره عبر لوحات تشكيلية، تمتح شخوصها ورموزها وألوانها من الماضي المغربي، قبل الاستقلال، فضلا عن كونه كاتب سيناريو.

وفي عهد الملك الحسن الثاني شارك السكيرج في عدد من الأنشطة الترفيهية التي كان ينظمها الملك الراحل للرؤساء والملوك الذين كانوا يحلون ضيوفا على المغرب.

وقبل ثلاث سنوات لجأ السكيرج إلى مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للقاء بجمهوره، بعد الصراعات المعلنة التي كانت له مع القنوات العمومية المغربية.

وبعيدا عن الشاشتين الصغيرة والكبيرة، حاول السكيرج، سنة 2018، تقديم بديل عن “المسلسلات الرمضانية التي لا يوجد أقل منها رداءة في الدنيا”، قصد “تسلية الناس وإدخال قليل من السعادة عليهم”، ونشر أولى حلقات برنامجه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، دون هدف ربحي.

وكان السكيرج في صراع مع القناتين التلفزيتين العموميتين، وسبق أن نقل هذا الصراع في رسائل إلى ملك البلاد. كما عبر، في حوارات، عن سأمه من عدم التجاوب مع المشاريع التي يعدها، فيما يتم “تمرير برامج ومواد تلفزية رديئة المستوى”، والإكثار من عرض أعمال أجنبية، مع تجاهل أعمال الفنانين المغاربة. وهو ما استمر في الحديث عنه إلى حدود سنة 2018، منتقدا تغييبه من طرف المسؤولين عن التلفزة العمومية والسينما، وإبعاده عن جمهوره، رغم أن له القدرة على تسليته.

وعبر صفحته ذاتها، خلال المسيرة التضامنية مع معتقلي حراك الريف (2018)، أعرب السكيرج عن فرحه بـ”الجمهور الغفير الذي جاء من جميع أنحاء المغرب لنصرة العدالة الحقيقية، وقمع الطغيان”، وتضامنه “مع هؤلاء الناس الذين اعتقلوا وهم مظلومون، لأن كل ما قاموا به هو المطالبة بالحق”. وأضاف أنه لولا وضعه الصحي لكان إلى جانبهم، لأن هؤلاء المعتقلين “يتزعمون حركة التقدم، ويريدون الخير لبلادهم”، وقارن بين التعامل معهم وبين “السماح” لـ”بيدوفيل” دون معاقبته.

ورغم بعده عن الشاشات الصغيرة، ظل السكيرج ضيفا، على فترات متباعدة، على وسائل الإعلام المكتوبة والرقمية، وحل ضيفا أيضا، سنة 2017، على برنامج “رشيد شو”، الذي تعرضه القناة الثانية، التي كان في صراع معلن معها، كما كان يطل في بعض مشاركاته الإشهارية عبر التلفزيون العمومي.

وتوارى السكيرج عن الأنظار، بعد سلسلة من اللقاءات التوضيحية، بعد تسريب شريط فيديو، صور دون علمه، مس رئيس الدولة والعائلة الملكية، قال إنه اقتطع عن سياقه، وهو ما كان له تأثير، أيضا، على الطريقة التي استقبل بها خبر وفاته رسميا.

hespress.com