الكلاب تنبح والمغرب يسير
صورة: هسبريس


علي الوكيلي


الخميس 18 فبراير 2021 – 00:52

لا ينطبق هذا المثل على علاقة المغرب بالجزائر بشكل تام وذلك لأن الكلاب التي تنبح أمام القافلة لا تخسر شيئا من جسدها وأنيابها وتعرف مستوى قوتها وتضطر أن تبين إخلاصها لأسيادها ثم تترك القافلة تمر وقد تنساها. الكلاب المقصودة هنا، مغرورة تظن أن أنيابها تستطيع أن تثني قافلة هائلة مصرة على المضي إلى الأمام. كما أنها تخسر الكثير بنباحها، فهي كلما نبحت أكثر سقط لحمها أكثر وظهر عظمها وركبتها الأمراض المزمنة، غير واعية بأن النباح سبب نهايتها. فكيف توقف الكلاب المحتضرة قافلة مصرة ثابتة، في أقوى أحوالها

لا أعرف دولة في العالم سبب لها مجرد وجود دولة أخرى بجانبها كل هذا الانهيار والانحدار والانحطاط، منذ 1963 ووجود المغرب يأكل من الجزائر الكثير على نار هادئة دون حرب ولا عدوان، المغرب منخرط في سياسة ليبرالية تعلي الفلاحة على الصناعة في البداية لينقلب إلى الصناعة وينجح فيها، عكس الجزائر الاشتراكية الشعبوية التي أرادت أن تقلد الاتحاد السوفياتي فوجدت نفسها دون صناعة ولا فلاحة، وتحولت إلى بلد لا يصنع شيئا غير الكذب والإشاعات والدسائس والمؤامرات، غير قادر على إنجاز البنيات التحتية بسواعد أبنائه (المسجد الأعظم الجزائري الذي يعكس العقدة الجزائرية تجاه المغرب شيده الصينيون من ألفه إلى يائه فجاءت عمارته دخيلة على الفن الأندلسي المغاربي الجميل). لقد ضيعت الجزائر ثروتها في إنجاز وهم مضلل مكلف، معتقدة – من غرورها – أنها من الدول العظمى التي تستطيع تغيير جغرافيا الأمم وتتحكم في تاريخ الشعوب، وهو ما توقفت عن ممارسته القوى العظمى نفسها منذ مدة طويلة.

تآكل جسم الجزائر وأصابتْها الأمراض من كل جانب ومن كل نوع، وتراجع ريع البترول والغاز إلى مستوى لا يساعدها على دعم المواد الأساسية ولا على إتمام المشاريع المسطرة ولا على ضمان العيش الكريم لشعبها ولا على مصاريف الدبلوماسية العدوانية في قارة لم تحتضن جمهوريتها الصحراوية إلا بفضل الغنى المتحصل من ريع البترول والغاز وما خفي أعظم.

منذ خمس وأربعين سنة والجزائر تصرف على الصحراء (المغربية لا الجزائرية) ضعف ما يصرفه المغرب، والمغرب يظهر غلة ما يزرع في الصحراء أما الجزائر فلا أحد رأى أي غلةَ لما يناهز 350 مليار دولار من الاستثمار العدواني و أربعة عقود من عناد السفهاء الجديرين بالحجر والسجن، والواقع في الصحراء المغربية دليل على ذلك. أين الجزائر من الثمانين دولة التي كانت تدعم جمهوريتها الصحراوية؟ أين الأراضي المحررة؟ أين قوة البوليساريو الذي تحول إلى عصابات وقطاع طرق وممثلين رديئين لأفلام أكثر رداءة؟ أين الأطفال الصحراويون الذين يشتغلون في المحرقة وهم أبرياء؟ أين أبطال الحرب بين 1976 و 1986؟ لم يبق في تندوف إلا سراب يستعصي على الذاكرة.

فهل بعد هذا يعتقد البعض أن هناك عقلاء في الجزائر يمكن محاورتهم أو الطمع في تغيّر مواقفهم أو فهم منطقهم المنتمي بكل وقاحة لمسرح اللامعقول؟ نعم، من الوهم الاطمئنان إلى دولة تصنع الوهم وتصدق ما تصنع. ومن الوهم الأمل في تحول الجزائر إلى دولة يحكمها العقلاء، لأنها مستعدة لمساندة حق الشعوب في تقرير المصير لخمس وأربعين أخرى. وللي شاف شي… يقول الله يستر.

البوليساريو الجزائر الصحراء المغرب

hespress.com