الجمعة 12 يونيو 2020 – 08:16
“أنا متقاعد، قضيت أزيد من 24 عاما في تخوم الصحراء المغربية دفاعا عن الوطن، وكان الحلم أن أعود سالما إلى بلدتي وأقضي ما تبقى من العمر في ظروف جيدة.. لكن تبخر الحلم وساءت أحوالنا بسبب الكهرباء”.. بهذه العبارات حاول الحسن آيت صالح أن يُلخص سنوات من حياته، وأن يشير إلى أن نضاله الطويل لم ينته بحياة مستقرة رغم تقدمه في السن، مسجلا أن شقاء اليوم أكبر وأن يوما واحدا بدون كهرباء جحيم بحجم أيام السنة.
والحسن آيت صالح ليس سوى حالة واحدة من بين أزيد من 25 حالة تعيش بقرى جماعة تامدة نومرصيد بدون كهرباء، بعدما باءت كل محاولاتها في الحصول على هذه المادة الضرورية بالفشل.
يقول آيت صالح بلغة مفعمة باليأس: “بعد أزيد من 24 عاما وثلاثة أشهر بالصحراء جئت لأستقر بهذا المكان، لا أريد شيئا سوى الكهرباء.. نريد لأطفالنا أن يتابعوا دراستهم عن بُعد.. نرغب في ماء ومشروبات باردة والخروج من دائرة “الخبز وأتاي”.. نسعى إلى أن نُغير حياتنا، بعد سنوات قضيناها في الدفاع عن وحدتنا الترابية.. لا نطالب إلا بالكهرباء والملك أعطى تعليماته لمد القرى بالكهرباء.. وأنا لا يفصلني عن الأعمدة سوى حوالي 15 مترا”.
ومن جانبه، يقول إبراهيم شجاع: “قضيتُ هنا حوالي خمس سنوات، وتمكنت خلال هذه المدة من غرس العشرات من الأشجار المثمرة، كما عملت على حفر ثقب ماء؛ لكن الحلم بالحصول على الكهرباء لا يزال مرهونا بوعود الجماعة الترابية”، موضحا أنه استثمر كل معاشه في الأرض وله رغبة في إنجاز مزرعة؛ لكن طموحه يبقى مرهونا بالكهرباء.
وذكر إبراهيم شجاع أن أسرا قريبة منه تمكنت من الاستفادة من الكهرباء في إطار عملية توسيع الشبكة، وأن أعمدة الكهرباء لا تبعد عنه سوى بحوالي 160 مترا، وما زال حلمه في الحصول على هذه المادة لم يتحقق إلى حد الآن، على الرغم الطلبات المتعددة التي تقدم بها إلى الجماعة التي تكتفي بالقول إنها أرسلتها إلى الجهات المختصة وهي رهن الدراسة.
وضمّن المتحدث، في تصريحه لهسبريس، مناشدة لعامل الإقليم من أجل التدخل عاجلا لوضع حد لجحيمهم اليومي، قائلا: “الضوء هو الحياة.. وبدونه نحس بالحكرة والظلم، ونعتبر أنفسنا خارج إطار اهتمامات المسؤولين”.
وقال عبد الكريم شجاع: “إننا عندما نتحدث عن الكهرباء، نتحدث عن الهدر المدرسي، وعن بؤس المعيشة وضنكها، وعن انقطاع حبل التواصل مع أخبار العالم… وفي الوقت الذي يتحدث فيه الكل عن أن العالم قرية صغيرة ما زلنا نحن لا نستطيع تشغيل أجهزة التبريد، ولا نحلم بأكل مثلجات أو مشروبات باردة أو حتى الحفاظ على موادنا الاستهلاكية في ظروف صحية”.
وعبر المتضررون، من خلال هسبريس، عن قلقهم من زمن الانتظار، ومن تأخر وعود الساهرين على تدبير الشأن العام، ومن تخوفهم من أن تتحول أحلامهم إلى سراب أو أن تكون ملفاتهم قد وجدت طريقها إلى سلة المهملات.
وتُعلّق الأسر المحرومة من الكهرباء آمالها على عامل الإقليم وشركاء المجلس الجماعي، ويطالبون بتسوية وضعيتهم على اعتبار أنهم أسر هشة، محدودة الدخل ولا قدرة لها على تحمل تكاليف الربط.
وفي تعليقه عن الموضوع، ذكر لحسن آيت إصحا، رئيس جماعة تامدة نومرصيد، في اتصال بهسبريس، أن المجلس الجماعي حقق، بتنسيق مع السلطات الإقليمية ومجموعة الجماعات ومجلس جهة بني ملال خنيفرة والمجلس الإقليمي، في إطار شراكة خاصة بمشروع الكهربة القروية، طفرة مهمة على مستوى الربط بالكهرباء، إذ بلغت نسبة التغطية بتراب الجماعة 92.61 في المائة.
وأوضح آيت إصحا أن الجماعة تلقت فقط 26 طلبا، أغلبها من البنايات الجديدة أو العشوائية، وهي جميعها قيد الدراسة؛ ما يفيد بأنه من المرتقب أن يستفيد أصحاب الطلبات المعنية من هذه المادة الحيوية في غضون 2021 على أبعد تقدير.
وأضاف المسؤول الجماعي ذاته أنه شخصيا ومعه باقي أعضاء المجلس منشغلون بمطالب هذه الأسر المعدودة ومتفهمون لقلقها بسبب الدور المهم للكهرباء خاصة في مثل هذه الظرفية، حيث كانت الأسر ملتزمة بالحجر الصحي وكان التلاميذ في حاجة ماسة إلى متابعة دراستهم عن بعد، هذا دون الحديث عن باقي الإكراهات التي يتسبب فيها غياب الربط الكهربائي، يوضح الرئيس.