سنوات من التدبير في المستويات العادية تنتهي بقرار مغربي أوقف التواصل مع السفارة الألمانية بالرباط، فعلى امتداد السنوات القليلة الماضية مرت مياه كثيرة تحت جسر علاقات أربكتها اختيارات وتموقعات عديدة، خصوصا في إطار التنسيقات “الإفريقية الأوروبية”، التي اتجهت في الآونة الأخيرة إلى محوري “الرباط – باريس”، “الجزائر – برلين”.

وشكلت ألمانيا الاتحادية حجر عثرة للدبلوماسية الخارجية المغربية في محطات عديدة داخل دهاليز الاتحاد الأوروبي، وكذا ضمن هيئة الأمم المتحدة، التي تطالبها برلين بحقها في “الفيتو”، وهو الأمر الذي يرفضه المغرب بحكم استفادته في كثير من الأحيان من الصوت الفرنسي لضمان سلامة مسار قضية الصحراء.

صراع “الفيتو”

بداية قصة الفيتو انطلقت منذ الأيام الأولى لسنة 2019 بمطالبة الألمان بسحب هذا الحق داخل الأمم المتحدة من الجار الفرنسي، وجعله باسم الاتحاد الأوروبي، وذلك بتنسيق الاشتغالات قبل طرح مواقف جماعية من قضايا العالم، وهو ما دفع المغرب نحو رفض الطلب تحسبا لتقارب مرتقب مع الجزائريين يفسد الموقف الأوروبي من الصحراء.

ودفع الرهان الألماني الجاد على المنصب الدبلوماسية المغربية إلى المقاطعة النهائية لجلسات الحوار مع المبعوث الأممي السابق هورست كولر، بالعاصمة برلين، واشتراط الجلوس بلشبونة أو باريس، لتتأكد بداية الخلافات بين الطرفين، واتساع هوة فروق وجهات النظر، خصوصا أن التموقع المغربي دائما ما مال نحو فرنسا.

اتفاق الصيد

رغم الزيارات المتوالية للدبلوماسيين الألمان، قبل تجديد اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إلا أن الموقف جاء متحفظا من ضم مياه الأقاليم الصحراوية إلى الشمالية المسموح بالصيد فيها، إذ طالبت ألمانيا بضرورة تطابق مضامين الاتفاق مع القانونين الأوروبي والدولي.

وخاضت ألمانيا سجالات قوية داخل ردهات البرلمان الأوروبي في مسألة استفادة سكان الأقاليم الجنوبية من عائدات الاتفاق، وهو ما أزعج المغرب كثيرا، خصوصا أمام إصراره على طرح سؤال التنمية واستعراض المنجزات التي تحققت على امتداد سنوات بالصحراء، وتمكين السكان المحليين من عديد الحقوق.

الأزمة في ليبيا

بداية بروز الأزمة جلية ستكون سنة 2020، وذلك بعد عدم استدعاء الألمان المغرب في قمة النقاش حول الوضع في ليبيا، وهو ما ردت عليه وزارة الخارجية ضمن بلاغ رسمي، تستغرب فيه الإقصاء وتهميش جهود الرباط لتسوية الأزمة الليبية، باستحضار اتفاق الصخيرات، والتنسيقات الكثيرة التي قادها.

ومباشرة بعد الإقصاء الذي طال المغرب وحيدا، ستتجدد مساعي المملكة لتجاوز الأمر، وذلك بتنظيم مباحثات بوزنيقة، التي انتهت بالإيجاب وتسوية الخلافات القائمة، لكن ذاكرة الدبلوماسية المغربية بقيت محتفظة بعدم توجيه الدعوة لها، وتخصيصها فقط للجيران الترابيين لطرابلس (تونس – الجزائر).

مجلس الأمن

تقدم الجهاز الدبلوماسي الألماني صدارة الدول التي طالبت بانعقاد اجتماع مجلس الأمن الدولي، بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة على الصحراء المغربية.

وهذه الخطوة كان من المرتقب أن يكون لها ما بعدها، بعد تفعيلها أمميا، خصوصا أن المغرب يراهن على استمالة خيار أمريكا لباقي الدول الكبرى، والمضي نحو نيل اعترافات أوروبية أيضا.

hespress.com