منافسة شديدة بين الجزائر والمغرب بشأن دبلوماسية المساعدات الإنسانية في القارة الإفريقية؛ إذ يسعى كلا البلدين إلى تكريس السيادة السياسية على الفضاء الإفريقي في ضوء المتغيرات الجديدة المرتبطة بتفشي فيروس “كورونا” المستجد.
وبعث “قصر المرادية” طائرات محمّلة بعدد كبير من الأدوية والعتاد الطبي إلى “بلاد شنقيط”، قصد مساعدتها على تجاوز الأزمة الصحية الراهنة، وهو التحرك الميداني الذي يأتي بعد توقيع الجزائر على اتفاق مشترك مع روسيا بغية الاستفادة من اللقاح المضاد لـ “كوفيد-19”.
وبالإضافة إلى البعد الإنساني للمساعدة الجزائرية، هناك من ينظر إليها من منظور سياسي على ضوء التطورات الحاصلة في منطقة الصحراء، ذلك أن الاتفاق الروسي-الجزائري، الذي لم تتسرّب مضامينه للصحافة، قد يتضمن بندا يتعلق بتسويق لقاح “سبوتنيك-في” على صعيد القارة؛ ومن ثمة أهمية موريتانيا باعتبارها بوابة إلى غرب إفريقيا.
ولم تتم أجرأة الاتفاق المغربي-الروسي حول “لقاح سبوتنيك” إلى غاية الآن، فيما عمد وزير الخارجية الجزائري إلى القيام بزيارة مستعجلة إلى موسكو خلال وقت سابق، تبعا للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو ما جعل “قصر الكرملين” يوجه انتقادات متتالية إلى أمريكا، متهما إياها بـ “انتهاك القانون الدولي”.
وتُطرح كثير من التساؤلات بخصوص تأثير المستجد السياسي المرتبط بالصحراء على التعهدات الروسية إزاء الرباط، التي اختارتها كمنصة لدخول اللقاح إلى الفضاء الإفريقي، غير أن تصريحات منسوبة للسفير الروسي لدى الجزائر تثير بعض اللبس في هذا الصدد؛ إذ أشارت إلى التفكير الثنائي في إنتاج اللقاح بالجارة الشرقية.
وفي هذا الإطار، قال عبد الفتاح فاتحي، خبير قانوني في قضية الصحراء، إن “المساعدات الطبية تندرج ضمن الجانب الإنساني لكل دولة، رغم أن دبلوماسية الأدوية أصبحت تؤثر على المواقف السياسية، ولكن التساؤلات الكبرى تطرح حول التنافس المغربي-الجزائري على مستوى توسيع عملية اللقاحات”.
وأضاف فاتحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المغرب عقد اتفاقيات تجارية مع شركة سبوتنيك الروسية المنتجة للقاح المضاد لكورونا، على أساس توزيعه ببلدان غرب إفريقيا، ثم انتقل بعدها وزير الخارجية الجزائري إلى موسكو، وهو ما يسائل تأثير الاجتماع على الصفقة المغربية”.
وأوضح الباحث في شؤون الصحراء أن “الجزائر تطمح أيضا إلى توزيع اللقاح الروسي بالقارة السمراء، وهنا يمكن قراءة اللقاءات مع الجهات الموريتانية بإمكانية الانطلاق من موريتانيا في توزيع اللقاح، ومنها إلى دول غرب إفريقيا”، متسائلا: “هل ما زالت الصفقة المغربية قائمة مع الجانب الروسي؟”.
وتابع فاتحي شارحا بأن “التطورات الأخيرة في قضية الصحراء يمكن أن تؤثر على مسار الصفقة، اعتبارا للموقف الروسي شديد اللهجة تجاه الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء”، مبرزا أن “اللقاح الصيني ما زال أيضا محور كثير من التساؤلات في ظل التقارب الحاصل بين الموقف الصيني ونظيره الروسي في قضية الصحراء”.