تعود الشراكة المؤطرة رسميا بين المملكة المغربية ودول مجلس التعاون الخليجي إلى منتصف مايو 2011، عـند إعلان قمة الرياض الخليجية ترحيبها ودعوتها المغرب الانضمام إلى عضويـة المجلس، وذلك مراعاة واعتبارا لوحدة المصير المشترك، وتوطيدا للروابط المتنوعـة والعلاقات الوثيقة الأصيلـة القائمة بين دول المجلس والمغرب، إضافة إلى اقتناع الطرفيـن بأن التنسيق والتعاون والتكامل في ما بينها لا يخدم شعوبها فحسب، بل يخدم الأمة العربية والإسـلاميـة.

وتهدف هـذه المبادرة الخليجية التاريخيـة إلى توسيع قـاعـدة المجلس على الأطراف الأخرى، بما ينسجم مع أهداف الأمة العربية ويسـاعـد على خلق مشاريع استراتيجية، من أجل مستقبل الأجيال المقبلة.

وقد استجابت المملكة المغربية للدعوة التي وجهها إليها قادة دول مجلس التعاون الخليجي مؤكـدة على أهمية إرساء التعاون الأمثل، وذلك من خلال خطوات تفعيلية بهدف وضع رؤية استراتيجية وعملية وخارطة طريق، لبلورة التعاون في إطار ما يمكن تطبيقه من شراكة متقدمة وطموحة، على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية، وذلك من خلال مجموعات عمل تضم خبراء من الجانبين للنظر بشكل فني ودقيق في كل المحاور في هذه الشراكة.

وتستند الموافقة المغربية إلى رؤية الملك محمد السادس، الهادفة إلى إرساء وبناء العلاقات العربية العربية على أساس المصالح المتبادلة، والاندماجية، لتحقيق المتطلبات التنموية للدول العربية، خاصةً في مجال التنمية البشرية، من صحة، وتعليم، واقتصاد.

وتعد مشاركة الملك محمد السادس في أعمال القمة الخليجية المغربية التي انعقدت في الرياض سنة 2016 أن تعطيها بعدا اقتصاديا واستثماريا مهما حيث تمكنت دول مجلس التعاون والمملكة المغربية في سنوات قليلة من تجاوز النمطية في العلاقات الاقتصادية، بعدما دخلت هذه العلاقات آفاق التفعـيل الأولي.

كما تتركز آليات دعم الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المغربية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على الفرص المتاحة في أفق الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين، خاصة في مجال تعميق العلاقات الاقتصادية وتعزيز تنقل اليد العاملة المغربية في اتجاه بلدان دول المجلس، وتوسيع وتوحيد نطاق المصالح الخليجية المغربية في القارة السمراء، بالنظر لموقع المملكة المغربية كمركز إقليمي رئيسي استراتيجي، وبوابة إفريقيا في المجالات المالية والتنقلات المتنوعـة البريـة والجـوية والبحريـة.

وتأكيدا لمسار الشراكة الاستراتيجية القائمة بين المملكة المغربية ودول مجلس التعاون منذ سنة 2011 وبفضل رعاية الملك محمد السادس، وإخوانه قادة دول المجلس، جاء قرار تمديد خطة العمل المشتركة إلى سنة 2024.

كما يأتي تطوير مسار هذه الشراكة، في إطـار خطـة استراتيجـية تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون، تعزز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والبشرية الاجتماعية بين الجانبين، تجسيدا لرؤية الملك محمد السادس في خطابه أمام القمة المغربية – الخليجية، المنعقدة بالرياض بتاريخ 20 أبريل 2016.

ويأتي تعزيز التعاون الاقتصادي بين المملكة المغربية ودول مجلس التعاون الخليجي، منذ عام 2012، وهو تاريخ الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وبموجبها خصصت دول مجلس التعاون الخليجية دعما ماليا بقيمة 5 مليار دولار، بمعدل مليار دولار سنويا، لتمويل مشاريع استراتيجية تحظى بالأولوية الوطنية بالنسبة للمملكـة المغربية.

ولإنجاح هـذا التعاون المثمر تم تشكيل فريق، عـهد إليه إعداد خطة عمل مشتركة، تم بموجبها تحديد القطاعات ذات الأولوية والتي تحظى بأولوية الدعم، مع تقييم لمراحل الإنجاز.

وفي هذا الإطار أيضـا، تم عقد اجتماع للجنة مشتركة مغربية خليجية بالرباط في سنة 2013، أسفرت عن اختيار المشاريع التي سيشملها التمويل الخليجي في الفترة ما بين 2012 و2016، بمعدل مليار دولار سنويا، والتي توزعـت على مجالات متنوعـة، منها: البيئة والطاقات المتجددة، والزراعة والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي، والشباب، والنهوض بالتنمية الاجتماعية إلى جانب قطاعات أخرى.

كما تعد استراتيجية الشراكة هذه، نفسا جديدا للشراكة الاقتصادية، حيث امتدت لتشمل القطاع الخاص الخليجي، الذي ينفتح أمام الفرص التي توفرها المملكـة المغربية، ومناخ الاستثمار فيها، حيث أصبح بإمكان المستثمر الخليجي أن ينفتح أكثر على مجالات جديدة من أهمها مجال الطاقة الشمسية، حيث قامت مجموعة «أكوا باور» السعودية بإنجاز مركب (نور) في ورزازات.

كما شكل مناخ الاستثمار هـذا، حافزا للمستثمر الخليجي على أرض المملكة المغربية، وتميز ومنذ سنوات بمباشرة استراتيجيات قطاعية أساسية وفـق أجندة محددة في مجالات قطـاعـات متنوعـة، منها: قـطاع الزراعة وقـطاع الصناعة وقـطاع الصيد البحري إلى جانب مشاريع أخرى مرتبطة بالبنيات التحتية والنقل والاتصالات.

أما بـخصوص الجانب الأمني، فكانت طبيعة المشاركة المغربية في التحالف العربي في الأزمة اليمنية، أن تميزت بدعمها دول المجلس لعودة الشرعية لليمن، وكذلك مشاركتـها في المنظـومة الخليجية والمساهمة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.

كما كان من النتائج الإيجابية لهذا التعاون المغربي الخليجي أن أسفر عن إعلان العُلا الصادر عن قمة العلا 2021 والذي ينص على دعم المملكة المغربية في مواجهتها استفزازات وتجاوزات حدثت بمعبر الكركرات الحدودي بالصحراء المغربية، واستخدامها حقها بجميع الوسائل للحفاظ على وحدة أراضيها.

hespress.com