يتابع المغرب تجارب عدد من الدول فيما يخص التعامل مع العملات الافتراضية، في أفق اعتماد تصور يمكن معه مستقبلا التوجه قدما نحو إطار قانوني يسمح بتداول العملات الرقمية.

وكان بنك المغرب قد أحدث، في فبراير الماضي، لجنة خاصة لدراسة موضوع العملات الرقمية والمشفرة في وقت يتعاظم دورها عبر العالم، وسارعت على إثره البنوك المركزية إلى التفكير في اعتماد تحول جديد بالنسبة إلى النقود التقليدية لمواكبة هذا التطور.

وكشف عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال ندوة صحافية أمس الثلاثاء عقب اجتماع مجلس البنك، أن “أزمة كورونا بينت أن كل ما هو رقمي سيحوز مكانا مهما في المستقبل، ليس فقط في التجارة والمبادلات؛ بل أيضا على المستوى النقدي”.

وأوضح الجواهري أن اللجنة التي جرى تأسيسها داخل البنك المركزي، وتضم ثلاثة فرق عمل، هدفها دراسة موضوع العملات الرقمية والمشفرة وسيكون عملها استباقيا لمتابعة التطورات الحاصلة في هذا المجال على المستوى الدولي وتجارب بعض الدول.

وفي هذا الصدد، تواصل بنك المغرب مع البنوك المركزية في كل من كندا وإنجلترا وسويسرا على اعتبار أنها تتوفر على تجربة مهمة في هذا المجال، بعدما نجحت في خفض نسبة تعاملات النقد وسط مواطنيها.

ويؤكد والي بنك المغرب أن التعامل مع هذا الموضوع لا يجب أن يتم النظر إليه فقط من حيث الابتكار التي يرتبط بالعملات الرقمية والمشفرة؛ بل أيضا من المخاطر المرتبطة بها والمتعلقة أساسا بغياب ضمانات لمستعمليها والتقلب المستمر لقيمتها.

وبالنسبة إلى الوالي، ستمكن اللجنة التي تشتغل على هذا الموضوع من التوفر على التجارب الناجحة لاعتماد إطار قانوني واضح قبل الانطلاق تدريجيا في اعتماد العملة الافتراضية في المغرب، وزاد قائلا: “يجب ألا نكون متأخرين عن الدول الأخرى؛ لأن هذه العملات يمكن أن تكون مفيدة، لأنها مبتكرة”.

كما شدد الجواهري على أن العملات الرقمية ستكون في مصلحة المستهلك لأنها تخفض التكاليف؛ لكن في المقابل أشار إلى أن هناك فئة من المواطنين لم تنخرط في التكنولوجيا من كبار السن ومن لا يتوفرون على المعلومات الضرورية سيكون من حقها استعمال النقد إذا أرادت، وهو خلاصة نقاش أثير مؤخرا في سويسرا المعروفة بنسبة ضعيفة لتعاملات النقد.

وأكد والي بنك المغرب أن التوجه نحو اعتماد عملة رقمية يتطلب خفض نسبة النقد، مثلما فعلت سويسرا ومكنها ذلك من الاستعداد بشكل جيد للتوجه نحو العملات الافتراضية، موردا أن هذا الأمر يتطلب في المغرب القيام بحملات تواصلية وتوعوية وتكوينية على اعتبار أنها مهمة صعبة بالنسبة إلى جمهور مرتبط بشكل كبير بثقافة “الكاش”.

والنقاش الدائر حاليا لدى عدد من البنوك المركزية في العالم هو ضرورة اعتماد العملة الرقمية للبنك المركزي (Central Bank Digital Currency)، وهي تعني الشكل الرقمي للنقود، أي الأوراق النقدية والعملات المعدنية المتداولة حاليا. ويتم التفكير في هذا الاتجاه على نطاق واسع عالميا كبديل للعملات المشفرة التي تتميز بمخاطر عديدة.

وتُفكر البنوك المركزية عبر العالم في هذا النهج لمسايرة تراجع استعمال النقد؛ لكن الدافع الرئيسي هو التخوف من فقدان السيطرة على أنظمة الدفع والنقد مستقبلا، إذا ما استمر اعتماد العملات الخاصة مثل “البيتكوين” على نطاق واسع وباتت تستقطب زبناء جددا مع ارتفاع قيمتها بحيث تناهز حاليا قيمة “بيتكوين” واحد حوالي 51 مليون سنتيم.

hespress.com