قال مصدر دبلوماسي إن التعليمات الملكية من أجل التسوية النهائية لقضية القاصرين المغاربة غير المرفوقين الموجودين في وضعية غير نظامية في بعض الدول الأوروبية جاءت لتضع حداً للاستغلال السياسي لهذا الملف من قبل بعض الأوساط الأوروبية، وخصوصا الإسبانية.

وأضافت مصادر مطلعة على الملف، في حديث مع هسبريس، أنه منذ بداية الأزمة بين الرباط ومدريد حاولت الحكومة الإسبانية إقحام الاتحاد الأوروبي في النزاع الثنائي بين البلدين عبر نافذة الهجرة غير الشرعية، ولاسيما ملف القاصرين.

وأوضحت المصادر ذاتها أن السلطات المغربية ستشرع فوراً في الاتصال بالدول التي يتواجد فيها هؤلاء القصّر قصد ترتيب إجراءات إعادتهم إلى وطنهم، مشيرة إلى أن هذا ليس بأمر جديد، بل سبق أن كانت هناك اتفاقات وتوجت بإعادة المئات.

وحسب مصادرنا فإن الأمر لا يتعلق فقط بالقاصرين المغاربة الذين تمكنوا من عبور سبتة المحتلة بطرق غير قانونية، بل بجميع الموجودين بطرق غير قانونية في بعض الدول الأوروبية.

وكانت الحكومة الإسبانية، على لسان وزرائها، اتهمت المغرب بـ”العدوان والابتزاز” بعد تدفق آلاف المهاجرين إلى مدينة سبتة المحتلة، إذ عمدت إلى إشهار ورقة الهجرة بالاتحاد الأوروبي من أجل صرف الانتباه عن السبب الحقيقي للتوتر بين الرباط ومدريد، ولمواجهة المملكة كتكتل أوروبي، علماً أن المغرب لا مشاكل لديه مع أوروبا، بل تجمعه معها شراكة إستراتيجية تاريخية.

وكشفت معطيات حصرية حصلت عليها جريدة هسبريس الإلكترونية قبل أيام أن السلطات المغربية عملت على إعادة 400 قاصر من سبتة المحتلة، وأضافت أن تعداد القاصرين المتبقين حينها يناهز حوالي 450 قاصرا مغربيا، وذلك “بعيدا عن الأرقام التي تتعمد بعض وسائل الإعلام الإسبانية تضخيمها خدمة لأجندات معينة تجاه الاتحاد الأوروبي”.

وأشار بلاغ وزارتي الخارجية والداخلية إلى أن إعادة القاصرين المغاربة تتعلق كذلك بـ”جوانب البطء المسجلة في تجسيد هذا التعاون أساسا بعوائق مسطرية (إدارية وقضائية) معقدة في بعض البلدان الأوروبية”.

ولا يرفض المغرب إعادة القاصرين إلى وطنهم بعد إجراءات التأكد من هويتهم، لكن أحيانا تحول القوانين في أوروبا المتعلقة بالطفولة، والتي تنص على حماية الأشخاص القصر دون 18 عاما من العمر، دون عودتهم.

ورحب الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، بقرار المغرب التسوية النهائية لقضية القاصرين المغاربة غير المرفوقين الموجودين في وضعية غير نظامية في بعض الدول الأوروبية.

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، أوليفر فاريلي: “أرحب بهذا الإعلان المهم للمغرب اليوم بشأن إعادة قبول القاصرين غير المرفوقين”.

وأبرز المسؤول الأوروبي: “سنواصل تعاوننا الوثيق مع المغرب لرفع تحديات الهجرة وتعزيز شراكتنا الثنائية بما يخدم المصلحة المشتركة”.

ويعتبر المغرب من الدول القلائل التي وقعت اتفاقيات مع حكومات أوروبية تسمح بإعادة القاصرين إلى بلدهم الأصلي، رغم أن عملية الإعادة صعبة في ظل تمتع القاصرين بحماية الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل بالخصوص.

ولا توجد أرقام رسمية دقيقة حول عدد القاصرين المغاربة الموجودين في بعض الدول الأوروبية، فيما تشير منظمات غير حكومية إلى أن عددهم بالآلاف.

وكان بلاغ لوزارتي الداخلية والشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أعلن، في وقت سابق، أن الملك محمدا السادس أمر بالتسوية النهائية لقضية القاصرين المغاربة غير المرفوقين الموجودين في وضعية غير نظامية في بعض الدول الأوروبية.

وذكر البلاغ أن الملك محمدا السادس كان قد أكد في عدة مناسبات، بما في ذلك لرؤساء دول أجنبية، التزام المملكة المغربية، الواضح والحازم، بقبول عودة القاصرين غير المرفوقين الذين تم تحديد هويتهم على الوجه الأكمل.

وأكد البلاغ أن المغرب مستعد للتعاون، كما دأب على ذلك، مع البلدان الأوروبية والاتحاد الأوروبي من أجل تسوية هذه القضية، مشيرا إلى أن المملكة تأمل أن يتمكن الاتحاد الأوروبي والبلدان المعنية من تجاوز الإكراهات المسطرية لتسهيل هذه العملية.

hespress.com