أصبح قطاع ترحيل الخدمات “الأوفشورينغ” بالمغرب يواجه منافسة قوية، خصوصاً من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما جعل المملكة تواصل دعم هذا القطاع منذ أكثر من عشر سنوات.
وحظي القطاع بأهمية في الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي لـ2009، ومخطط التنمية الصناعية 2014-2020؛ وهو ما مكنه من تحقيق أهداف مُشجعة تتمثل في خلق حوالي 70 ألف منصب شغل مباشر بين 2014 و2018.
وسجلت عائدات صادرات قطاع ترحيل الخدمات خلال السنوات الماضية ارتفاعاً ملحوظاً، لكنه يواجه تحديات كبيرة اليوم تفرض إيلاءه دعماً أكبر ومواكبة مستمرة، لكن أيضاً ملائمة لعرض المغرب في ما يخص هذا المجال من حيث التدابير والامتيازات.
وتتجلى هذه التحديات أساساً في الخصاص في الكفاءات ذات التأهيل العالي التي تمكن من التموقع، خاصة على مستوى خدمات جديدة للمعاملات المنقولة وخدمات تكنولوجيا المعلومات.
كما يواجه القطاع تحدياً على مستوى الانفتاح على أسواق جديدة، خاصة الناطقة باللغة الإنجليزية، لتخفيف تركيز القطاع على سوق الاتحاد الأوروبي، الذي أصبح يعرف منافسة قوية من قبل الدول ذات التكلفة المنخفضة، خصوصاً جنوب الصحراء.
ويتوجب أمام هذه التحديات على الفاعلين في القطاع تعزيز قدراتهم التنافسية لتنويع الشركاء، إضافة إلى تعبئة الإمكانات غير المستغلة بالبلدان الفرانكفونية مثل سويسرا وبلجيكا وكندا؛ كما يتطلب الأمر أيضاً استهداف السوق الناطقة باللغة الإسبانية.
وتفرض التحديات أيضاً تموقع القطاع في خدمات أخرى، لاسيما التجارة الإلكترونية التي تسجل نمواً سريعاً في أوروبا، إضافة إلى وظائف الدعم، خاصة بالنسبة إلى الخدمات المالية.
ومن أجل مواجهة هذه التحديات والتحولات بادرت رئاسة الحكومة مؤخراً إلى مراسلة القطاعات الحكومية والوكالة العمومية المعنية بهذا المجال، لتحديد شروط وكيفيات الاستفادة من التدابير والامتيازات المخصصة له.
وذكر رئيس الحكومة ضمن الوثيقة أن النمو المتسارع لسوق ترحيل الخدمات يستوجب ملاءمة عرض المملكة لدعم هذا القطاع، ومواكبة التقدم والتطور الحاصلين على المستوى الدولي، حتى يظل المغرب جذاباً وتنافسياً.
وأكدت الوثيقة على الأهمية الكبرى التي يكتسيها قطاع ترحيل الخدمات في تنشيط الاقتصاد الوطني وتوفير فرص الشغل، ودعت القطاعات الحكومية إلى اتخاذ التدابير اللازمة لدعم مواكبة هذا المجال، واستهداف المقاولات والمستثمرين المحليين والأجانب.
ويقدم المغرب تحفيزات عدة للمستثمرين في مجال ترحيل الخدمات، من بينها تخصيص مساهمة في شكل تعويض من قبل الدولة في حدود 56 في المائة من سعر الضريبة على الشركات المطبق على ترحيل الخدمات للمقاولات العاملة في هذا المجال. وسينتهي هذا المقتضى في نهاية سنة 2025.
أما على مستوى الضريبة على الدخل، فتستفيد المقاولات العاملة في هذا المجال من مساهمة الدولة حتى لا يتجاوز العبء الجبائي برسم الضريبة على الدخل نسبة 20 في المائة من مجموع الدخول الخام الخاضعة للضريبة بالنسبة لكل فرد.
ودعماً للقطاع خارج مدينتي الرباط والدار البيضاء، تستفيد المقاولات في هذا المجال المستقرة في المحطات الصناعية المندمجة “فاس شور” و”وجدة شور” و”تطوان شور” من مساهمة الدولة حتى لا يتجاوز العبء الجبائي برسم الضريبة على الدخل نسبة 10 في المائة.
كما يقدم العرض أيضاً دعماً على مستوى التكوين والبنيات التحتية وتبسيط التدابير الإدارية عبر شباك وحيد في المحطات الصناعية المندمجة المخصصة لأنشطة ترحيل الخدمات، وتتولى لجنة يرأسها رئيس الحكومة تتبع تنفيذ التدابير وتقييمها.