على وقع سجالات حادة نشبت بين فنانين ووجوه سلفية بجهة سوس ماسة، تعرف مواقع التواصل الاجتماعي اصطفافات عقب خرجات دينية متوالية تنتقد الموسيقى وتحرمها، ما جعل ممارسي الأنشطة الثقافية يطالبون بضرورة التدخل لتقنين “الدعوة إلى الله”.
ونشبت حرب كلامية بين فنانين معروفين ومجموعة من “المشايخ” يعرضون مقاطع فيديو باللغة الأمازيغية، يتحدثون فيها عن أمور مرتبطة بالدين، وأخرى ترتبط بالحياة الشخصية للأفراد، مثل اللباس والعلاقات الجنسية الرضائية وغيرها.
وأثارت نقطة تحريم الموسيقى وجميع أنواع الفنون لغطا كبيرا في صفوف متتبعي صفحات الفنانين، حيث بادر الجميع لتبادل الاتهامات عبر مقاطع فيديو حصدت مئات آلاف المشاهدات، وامتدت نحو مختلف شرائح المجتمع عبر تقنية المشاركة.
النقابات الفنانين تدخلت بدورها عبر بيانات تستنكر التجييش الحاصل ضد الفنانين، خصوصا وأن الأمر يكتسي لبوسا دينيا، يعطيه مصداقية دون تمحيص وبحث مستفيض في مواضيع تعني الحياة الثقافية والتراثية الوطنية.
ويشتكي الفنانون من محاولة إقبار “الثقافة الوهابية” للهوية الأصيلة المتعددة للمغرب، خصوصا وأنها تلاقي انتشارا دون صد من المسؤولين، وكذا دون قدرة كبيرة على المواجهة أمام “التشويه” الذي يحتمله خطاب الدعاة السلفيين.
وعبر تقنيات المباشر، يعرض شيوخ سلفيون، خطبا بالأمازيغية للعموم، ويتطرقون فيه لمواضيع متفرقة، لكن الصدام برز في خطبة لشيخ يسمى أبو عمار تطرق فيها لمن هم في الصفوف الأولى المواجهة لكورونا، وهم الأطباء والأمن والفقهاء.
وقال أبو عمار إن “الفنانين غائبون عن المشهد”، ليتطور الأمر صوب فتاوى تحرم الموسيقى، معتبرا أن “المعازف تتسبب في انتشار الفاحشة”، وهو ما أثار حفيظة فنانين، فاتحين المجال أمام سجالات لم تنته إلى حدود كتابة هذه الأسطر.
رشيد أسلال، فنان وكوميدي أمازيغي، قال إن المشهد الثقافي في الجهة يعرف هجمة شرسة ضد الفنان، وتبخيسا كبيرا للإنتاجات الفنية، وأعرب عن أسفه لإقحام الدين في نقاش يطرحه أناس دون المستوى، موردا أن “هؤلاء سلفيون لا علاقة لهم بالثقافة السوسية”.
وأضاف أسلال، في تصريح لهسبريس، أن “المضامين التي يبثها هؤلاء تشكل خطرا على ما راكمته الدولة من انفتاح على مستوى الحريات الجماعية والفردية، وذلك عبر استخدام اللغة الأمازيغية لبث السموم في الجبال”.
وأوضح المتحدث أن “هؤلاء يحرّمون أحواش والموسيقى والفرح خلال الأعراس واللباس التقليدي الأصيل، بخطاب تكفيري مباشر باللغة الأمازيغية”، مطالبا وزارة الثقافة بضرورة التدخل لحماية الفنانين، ووزارة الأوقاف بمنع من هب ودب من إلقاء الدروس الدينية.