الوالي شرافي .. من مهاجر سري إلى جمعوي مؤثِّر في جزر الكناري
خاص


حاوره: علي بونوا


الإثنين 14 دجنبر 2020 – 12:00

كان سنُّ الوالي شرافي 17 عاماً حين وصل إلى أحد الموانئ بجزيرة فويرتي بينتورا، أقربُ جزر الكناري إلى السواحل المغربية، صيف عام 1999، قادماً إليها من طرفاية على متن قارب للهجرة السرِّية بعد 36 ساعة من الإبحار؛ وقد كلّفته حينها هذه المغامرةُ البحرية في اتجاه الأرخبيل 2000 درهم.
جاءت خُطة الهجرة إثر اجتماعِ ثمانية شبّانٍ من كلميم، وهي المدينة التي ينحدر منها الوالي، بعد انسداد آفاقِ المستقبل في وجههم، فقرّروا البحث عن أُفقٍ جديدٍ بعيداً عن مدينتهم، وعزموا على ركوب الموج في اتجاه الجزيرة الكنارية الأقرب للساحل المغربي. لم يُخبر الوالي شرافي أفرادَ عائلته بنواياه ولم يتواصل مع أحدٍ منهم إلا بعد مرور عشرة أيّامٍ على وصوله إلى التراب الكناري.

انطلق القاربُ في يومٍ كان فيه البحرُ هائجاً جدّاً، وهو ما لم يكن يسمح بوصوله في ظروفٍ جيِّدةٍ إلى الوجهة المقصودة. ولم تكن للمجموعة دِرايةُ كبيرةٌ بركوب البحر، لكنّ أفرادها رغم ذلك وصلوا بعد يومٍ ونصف إلى شواطئ جزيرة فويرتي بينتورا ذات نهارٍ من شهر غشت 1999. رسا المركبُ قريباً من ميناء “بويرطو ديل روساريو” في نقطةٍ شاطئيّةٍ خالية من السُّكان. نزل الشبّانُ وساروا مشياً على الأقدام نحو أقربِ منطقةٍ مأهولةٍ، حيثُ قامت عناصر من “الحرس المدني” بتوقيفهم.
تمّ حبس الموقوفين لبضعة أيّام، وأُرسلوا بعدها على متن مركبٍ إلى جزيرة كناريا الكبرى، وهنالك قضوا ثلاثة أسابيع قبل أن يبدأ مسلسل إدماجهم بمساعدة عددٍ من المراكز المتخصّصة في إيواء القاصرين. ومازال الوالي يتذكّر إلى اليوم الأشخاصَ الذين ساهموا في تكوينه وتدريبه على العديد من الحِرَف، كالطبخ والنجارة والإسعافات الأوليّة، وقاموا بتعليمه اللغة الإسبانيّة وعاملوه بكلِّ إنسانيّة، مثل كونتشي وثايدا وماري كارمن، وأثّروا في حياته بشكلٍ كبيرٍ حتى إنّهم قاموا بإيجاد عَقدِ عملٍ من أجله.


عمل الوالي شرافي، خلال السنوات الأولى، في قطاعاتٍ مختلفة، ما بين الفلاحة والسياحة والخدمات، وعاش ثلاثة أعوامٍ في مدينة غالدار بكناريا الكبرى، وهي الفترةُ التي يقول عنها: “كنتُ أعيش بمفردي في شقّة وكنتُ أشعر في غالدار كما لو أنّني في بيتي الثاني، كما لو أنّني على أرضي. كنتُ قد حصلتُ على دبلوم طبّاخٍ مساعد لكنّني كنتُ أجدُ راحتي في مهمّة النادل”.. صيف 2004 قرّر تغيير الجزيرة فانتقل إلى لانثروطي، حيثُ كان يُقيم أحدُ أقاربه وبعضُ معارفه، وهناك اشتغل في عدّة فنادق ثمّ في شركةٍ لكراءِ السيّارات قبل أن يُقرِّر في 2010 العودة إلى أرض الوطن لإنشاء مشروعه الخاص في مدينته كلميم.
بعد ثلاث سنواتٍ تزوّج الشاب المهاجر وعاد إلى جزر الكناري من أجل إجراءات الحصول على الجنسية الإسبانية، ثمّ اشتغل مجدّداً هنالك في لانثروطي حيث تمكّن أخيراً من الاجتماع بأسرته.. استقرّ بمدينة أورثولا في أقصى شمال الجزيرة، وفتح بها بزاراً لكنّه اضطّر للإغلاق عام 2019.
ويرأسُ الوالي شرافي حالياً “جمعيّة آفاق للمهاجرين المغاربة بجزر الكناري”، التي أسّسها حديثاً ويُوجد مقرُّها في مدينة أرِّيثيفي بجزيرة لانثروطي، حيث يُقيم أزيَدُ من أربعة آلاف مغربي مُشكِّلين بذلك ثاني أكبر جالية أجنبيّة بعد المقيمين البريطانيين. وجاء تأسيسُ الجمعية بطلبٍ من المهاجرين المغاربة المقيمين هناك من أجل تعزيز سُبُلِ الإدماج ونشر الثقافة المغربية. ونظراً للظرفية التي فرضتها الجائحةُ أنشأت الجمعيةُ بنكاً للمواد الغذائية لتقديم المساعدات لأفراد الجالية الذين تأثروا بالوضع، وقد تقاطر أكثر من 120 فرداً منهم على مقرِّ الجمعية يوم افتتاح مقرِّها، أواخر أكتوبر الماضي، للاستفادة من المواد الغذائية.

ويُحدِّثنا الوالي شرافي في هذا الحوار عن تجربة الهجرة السرِّية وعن السنوات التي أمضاها بين مختلف جزر الكناري وطريقة تعامل الكناريين مع المهاجرين بين الأمس واليوم؛ كما يُحدِّثُنا أيضاً عن مشاكل المهاجرين المغاربة، لاسيما بعد كورونا، وكيف ستساهم الجمعية التي يترأّسُها في خدمة مصالح الجالية المغربية المقيمة في هذا الأرخبيل الأطلسي الذي يوجد على مرمى حجَرٍ من السواحل المغربية.

■ بعد مرور عشرين سنة على وصولك إلى جزر الكناري كمهاجر سري، كيف تنظر إلى تلك المغامرة من طرفاية إلى فويرتي بينتورا؟ وما هو التغيير الذي أحدثته هذه التجربة في حياتك؟.
□ بصراحة، كانت تجربةً قاسيّة لكونها مغامرةً مجهولةَ المصير؛ زد على ذلك فراق الأهل والأحباب الذي كان من الممكن أن يتحوّل إلى فراقٍ نهائيٍّ، وبالتالي إلى مأساةٍ عائليّة. أما بالنسبة للتغيير الذي أحدثته تلك التجربة في حياتي فقد كان من الصعب عليّ، في البداية، استيعابُ الأمر بسبب الحنين إلى الوالدين والإخوة والوطن الأم.. بعد ذلك بدأتُ، شيئاً فشيئاً، في تقمُّصِ دور المهاجر والاندماج الإيجابي في مُجتمعٍ مُختلفٍ شيئاً ما عن مجتمعنا المغربي.
هكذا بدأتُ في تحقيق الهدف الذي من أجله خُضتُ التجربة، ألا وهو تحسين الوضعية المادية بعد تسوية الوضعية القانونية طبعاً لكي أتمكّن من العودة لزيارة الأهل واستنشاق هواء أرض الوطن. والحمدُ لله قمتُ بأوّل زيارة للبلاد بعد عامين من تسوية الوثائق في ظرفٍ وجيزٍ بمساعدة أحد موظّفي مركز القاصرين حيثُ كنتُ أتواجد. وكان لهذا المركزِ الفضلُ في اندماجي داخل المجتمع الكناري خلال فترةٍ زمنيّةٍ قصيرة جدّاً، إذ تلقّيتُ فيه عدّة تكويناتٍ ودروسٍ في اللغة الإسبانية، ما مكنّني من الوصول إلى التغيير المنشود.
■ كيف تعامل معك الكناريُّون خلال السنوات الأولى التي قضيتها هناك في الجُزُر؟ هل تغيّر تعاملهم مع المهاجرين بين الماضي والحاضر؟ ما سبب ذلك في نظرك؟.
□ بعد فترة التسوية القانونية بدأتْ مرحلةُ العمل، وهو أمرٌ يقتضي الاحتكاك والتعايش مع الأشخاص والساكنة في المحيط القريب حيثُ تتواجد الإقامة، ولكن رغبتي في الاندماج الإيجابي وتأقلمي خلال العامين الأوّليْن، بالإضافة إلى كرم أهل المدينة التي كنتُ أقطنُ وأشتغلُ بها، ومعاملتهم التي لم تُشعِرني بأيِّ تمييزٍ إلى درجةٍ جعلتني أُحِسّ بالانتماء إلى المنطقة، كلّها أمور ساعدتني على الاندماج. هنا أقصد مدينة غالدار شمال جزيرة كناريا الكبرى، حيث أقمتُ بين عامي 2001 و2005 واشتغلتُ في مطعمٍ عائليٍّ قضيتُ فيه أربعَ سنواتٍ صِرتُ خلالها أحد أفراد تلك العائلة الكنارية التي بقيتُ في تواصلٍ معها إلى اليوم، رغم انتقالي من كناريا الكبرى إلى جزيرة لانثروطي، حيثُ مازلتُ أعيش منذ سنة 2005.
أما بخصوص التغييرات التي طرأت بين الماضي والحاضر فلا أُخفيك سراً إن قُلتُ إنّها أمر مُؤسفٌ، وذلك لعدّة عوامل لا يتّسعُ المجال لذكرها كاملةً، لكنّني سأُركزّ فقط على أمرٍ واحد أختصره في مقولة “احترم تُحترم”؛ فكونُنا مهاجرين أو ضيوفاً يستوجب أن نكون في المستوى من أجل كسب احترام الآخر وتقديمِ صورةٍ حسنة عن وطننا وديننا الحنيف. هنا تتجلّى أسبابُ ما نعيشه اليوم من رفضٍ بسبب بعض التصرّفات غير المقبولة من فئات المهاجرين، رفضٌ يتمُّ استغلاله من طرف جهاتٍ مُعيّنةٍ وأحزابٍ سياسيّةٍ مُتطرِّفة لكي تَشُنّ دعايتَها من أجل كسب مزيدٍ من الأصوات في مجتمعٍ غالبيةُ سُكّانِه مُسالمون.
■ انطلاقاً من تجربتك الشخصية وتجربة معارفك، ما هو تقييمك للوضعية الحالية التي يعيشها المهاجرون المغاربة في الأرخبيل الكناري، النظاميون منهم وغير النظاميين، بالمقارنة مع ما كانت عليه سابقاً؟.
□ الوضعية الحالية بعيداً عن الأحداث الأخيرة المتمثلة في جائحة كرونا والركود الاقتصادي على صعيد العالم وإسبانيا بالخصوص أختصرُها في المعاناة التي تعيشها فئاتٌ من أفراد الجالية المغربية القاطنة بجزر الخالدات؛ وهي معاناةٌ يُمكن تقسيمها إلى قسمين، القسم الأوّل اقتصاديٌّ يتعلّق بتدنِّي القدرة الشرائية اللازمة لتوفير مستلزمات الأسر المُكوَّنة من عدّة أفراد، وهو أمر لامسناه من المحيط والمعارف ودفعنا في جمعية الآفاق إلى تقديم ملفٍّ للهلال الأحمر قصد الحصول على المساعدات الغذائية التي يقوم بتمويلها الاتحادُ الأوروبي من أجل التخفيف عن أُسَرِ ذوي الدّخلِ المحدود أو المنعدم وعن الأشخاص في وضعيّةٍ غير قانونيّة، شريطةَ توفُّرِهم على جوازِ سفرٍ مغربيّ وشهادةِ إقامةٍ لا تَقِلُّ مُدّتُها عن ستّة أشهر.
أما القسمُ الثاني فهو مُتعلِّقٌ بمعاناة التنقُّل إلى أرض الوطن القريب البعيد، قريبٌ من حيثُ المسافة لكنّه يُصبح بعيداً حين ترغب في زيارته رغم الحلول المتوفِّرة من خلال الخطِّ البحريِّ الرابط بين جزيرة فويرتي بينتورا وطرفاية، والذي يُمكن استغلاله للنهوض باقتصاد المملكة مع التخفيف من معاناة هؤلاء المغاربة المهاجرين. وهنا أغتنمُ الفرصة لتوجيه النِّداء، باسمي وباسم الجالية المغربية المقيمة بجزر الخالدات، إلى صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله من أجل التدخُّل في هذا الموضوع للتخفيف عن رعاياه خارج أرض الوطن. كما أُشير في هذا الإطار إلى أنّنا في “جمعية الآفاق للمهاجرين المغاربة بجزر الكناري” قُمنا بإيداعِ عدّةِ طلباتٍ لدى الجهات المعنيّة من أجل التدخُّل لإعادة إحياء هذا الخطِّ البحريِّ نظراً لأهميّته الكبيرة بالنسبة للجالية المُقيمة بجزر الكناري وساكنة المنطقة بصفةٍ عامّة.


■ لو سمحت، أريد أن أسألك ماذا جرى بالضبط خلال الحادث المأساوي الذي راح ضحيّته مُؤخّراً مهاجرون غير نظاميين بينهم مغاربة في شواطئ مدينة أورثولا؟ هل من معلومات عن الضحايا المغاربة؟ هل فعلاً حاول سكّانُ المنطقة إنقاذهم؟ ولماذا لم تتدخّل السلطات لإنقاذهم من الغرق في البحر؟.
□ إنّ فواجع الهجرةِ السريّة مُؤلمةٌ، وهي متواصلةٌ منذ أكثر من عقدين من الزمن، ونتمنّى صادقين إيجادَ حُلولٍ جذريّة لهذه المآسي من خلال حوارٍ شاملٍ بين الجهات المعنيّة بتسيير شؤونِ الأُمّة. والحادثُ الأخير بمدينة أورثولا فاجعةٌ أُخرى استيقظت على وقعها الساكنة، وراح ضحيّتها ثمانيةُ أشخاص ونجا منها ثمانيةٌ وعشرون، وجميعهم مغاربة للأسف، هذا رغم إقدام سبعة أشخاص من سُكّان المنطقة على الارتماء في البحر، دون تفكير ولا تمييز، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه في انتظار وصول السلطات وفِرَقِ الإنقاذ البحريّة للقيام بواجبها، والتي سارعت إلى المكان فور إشعارها من طرف الساكنة.
ونُشيرُ، في هذا الصدد، إلى دور الجمعية في مثل هذه الأحداث، والمُتمثِّلِ في التنسيق مع القنصلية العامة للمملكة المغربية بمدينة لاس بالماس، ومع السلطات المحليّة الإسبانية، من أجل تقديم أجوبة عن تساؤلات عائلاتِ الضحايا عن طريق تتبُّعِ أنشطة الجمعية من خلال منشوراتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وجديرٌ بالذِّكر أنّ اثنين من إخواننا الضحايا، بعد الكشف عليهما، اتّضح أنّهما كانا حاملين لفيروس كورونا حسب ما أكّدتْهُ السلطاتُ المعنيّة، ما عجّل باتِّخاذ قرارِ حرق جُثّتيهما. وفور توصُّلنا بهذا القرار ربطنا الاتصال مباشرةً بالسيّد قنصل المملكة المغربيّة من أجل الاستفسار عن الأمر، وهو اتصالٌ أسفر عن توقيف قرار الحرق. والحمد لله تمكّنّا من دفنِ الجُثّتين وأكرمنا أخوينا لأنّ إكرامَ الميِّتِ دفنُه.
■ في ما يخصُّ “جمعية الآفاق للمهاجرين المغاربة بجزر الكناري” التي ترأسونها.. ما هو برنامجكم لمساعدة المهاجرين المغاربة هناك؟ وكيف تنظرون لتدفُّق قوارب الهجرة السرية على جزر الكناري في الآونة الأخيرة؟ وما هي انتظاراتكم بهذا الخصوص، كفاعلين في المجتمع المدني، من اللقاء المرتقب بين رئيسي الحكومتين المغربية والإسبانية، والمُؤجَّل إلى فبراير المُقبل؟.
□ في ما يخصُّ البرنامجَ الذي نعتمده في الجمعيّة أعتقد أنّنا نجحنا ولله الحمد، بنسبةٍ كبيرة، في الوقوف إلى جانب المهاجرين بتقديم مساعداتٍ مختلفة لهم في كلِّ ما يتعلّق بالعمل الإنساني. وقد قُمنا مؤخّراً بافتتاح مقرِّ الجمعيّة بمدينة أرِّيثيفي لنكون بذلك أوّلَ جمعيّةٍ تقومُ بهذه الخطوة على مستوى الجزر. وسوف يُساعِدنا هذا المقرُّ، من دونِ شكٍّ، في تطوير عملنا على مستوى المساعدات الغذائية التي نقوم بتقديمها. كما نُحاول في الوقت الراهن برمجةَ أنشطةٍ أُخرى موازية كتوزيع الملابس على المهاجرين في وضعيّةٍ صعبةٍ في هذه الفترة من السنة حيث يكون الطقسُ بارداً هنا، ونعمل أيضاً على وضع مقرِّنا رهن إشارة جميع المهاجرين في ما يخصُّ الخدماتِ الإداريّة بوضع أُطرِ الجمعيّة رهن إشارتهم للمساعدة على قضاء أغراضهم الإداريّة. ونطمحُ أيضاً في القادم من الأيام، إن شاء الله، إلى القيام بتقديم دُروسٍ في اللغة العربيّة والثقافة المغربيّة بصفةٍ عامّة، خصوصاً لفائدة أطفالِ الجاليّة المُقيمة هنا، لتعزيز تشبُّثها بهويتها.
أما في ما يخصُّ تدفُّق القوارب فأظنُّ أنّ هذه الظاهرة ليست بالجديدة، وقضيّةُ الهجرةِ هي ظاهرةٌ عالميّة وتحدثُ في مختلفِ بقاع الأرض. أتمنّى أن تتغيّر الأوضاعُ ويَنعُمَ الإنسانُ بحياةٍ كريمةٍ أينما وُجِد، وألا يكون ركوبُ البحرِ الخيارَ الأنسبَ لأنّ تلك الطريق صعبة ونسبةُ النجاح فيها تبقى ضئيلة.
ومن هذا المنطلق ننتظر كفاعلين في المجتمع المدني من اللقاء المرتقب بين رئيسي الحكومتين المغربية والإسبانية الخروجَ بحلولٍ منطقيّة وفعّالة تخدم الشعبين الجارين، اللذين تربطهما علاقة أخوية وتاريخية، لاسيما أنّ رئيس الحكومة الإسبانية الحالية من الحزب الاشتراكي العمالي، ونحن نُدرك جيِّداً الموقف الإنساني الثابت لهذا الحزب تُجاه المهاجرين. كما نأمل من اللقاء أن يكون مناسبةً لتعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين البلدين.
■ ماذا عن برنامج الجمعية لنشر الثقافة المغربية في جزر الكناري مستقبلاً؟ هل تفكِّرون مثلاً في عقد شراكاتٍ مع منظّماتٍ كناريّة أو مع مؤسّساتِ الدّولة المغربيّة؟.
□ في هذا الجانب المتعلِّق بالثقافةِ المغربيّة ومحاولةِ الإسهام في نشرها كجمعيّةٍ مغربيّة بإسبانيا، ما كُنّا لنغفل هذا الأمر عند تسطير أهداف الجمعيّة، وقد بدأنا العمل في هذا الإطار منذ البدايات، وذلك بتنظيم لقاءاتٍ وأنشطةٍ ذات بُعدٍ ثقافيٍّ بمشاركة عدّة جمعيّاتٍ أُخرى من بلدانٍ مُختلفة، كما قُمنا بتأسيس رابطةٍ أطلقنا عليها اسم “كونفدرالية المُهاجر” تضمُّ ثمانَ جمعيّاتٍ من مُختلَف بلدان العالم.
كما شاركتْ الجمعيّةُ مع مجلس لانثروطي وبلديّة أرِّيثيفي في المهرجان الثقافي الدولي بالمدينة في نسخته الثانية، حيثُ حاولنا، قدر الإمكان، الترويج للثقافة المغربية. وأشيرُ في هذا السياق إلى تواصلنا الدائم مع القنصليّة العامّة للمملكة المغربية بمدينة لاس بالماس، من أجل خلق أرضيّةِ عملٍ مشتَركة للتعريف بالموروث الثقافي المغربي. كما تواظبُ جمعيّتُنا على المشاركة في لقاءاتٍ مع المنتَخبين السيّاسيِّين ووسائل الإعلام المحليّة لقطع الطريق على الأطروحة الانفصالية التي يحاول البعض الترويج لها للمساس بوحدتنا الترابيّة. وقد ساهم تواجُدنا الميدانيُّ الدائم في تغيير الصورة النمطيّة التي كانت سائدةً عن وطننا.
■ باعتبارك مهاجراً نجح في الاندماج داخل المجتمع الكناري، ما هي الرسالةُ التي تريد أن توصلها إلى الشباب الذين يحلُمون بالهجرة إلى أوروبا عبر بوّابة الأرخبيل؟.
□ رسالتي في هذا الإطار ستكون عبارةً عن مجموعة من النصائح أتمنّى أن تصل إلى أكبر عددٍ مُمكنٍ من الشباب في وضعيّة غير قانونية… يجبُ تحديدُ الهدف قبل اتِّخاذ خطوة الهجرة، ثمّ يجب أن تكون لدى المهاجرين تخصُّصاتٌ في مجالٍ أو حرفةٍ معيّنة لتسهيل طريقهم إلى الاندماج، وبالتالي تحسين وضعيّتهم ووضعيّة أُسَرهم. كما أدعو جميع الشباب إلى الاندماج الإيجابي في المجتمع وتفادي تمرير صورةٍ مُسيئةٍ عن بلادنا في دول أوروبا أو في مكان الإقامة من خلال بعض التصرُّفات التي ليست مُرحَّباً بها من طرف أيٍّ كان، وهو ما صِرنا نُلاحظه مؤخّراً من بعض الشباب.

المملكة المغربية الوالي شرافي جزر الكناري جزيرة فويرتي بينتورا قارب للهجرة السرِّية

hespress.com