الإثنين 8 مارس 2021 – 17:04
ليست منخرطة في أي تنظيم حزبي، ولا تعرف معنى “النضال”، ولا تفهم تلك الإشارات اليدوية التي يقصد بها التعقيب، والمقاطعة، والتحية والنضالية… لكنها تستيقظ يوميا على الساعة الرابعة صباحا لتجمع الحطب، في درجة حرارة تقترب من الصفر، لـ”توقظ” الفرن التقليدي في هاته الصباحات الباردة المجردة من كل إحساس بالرحمة. في كل جبل، وفي كل صحراء… توجد امرأة مغربية من هذا النوع الذي يقاوم قساوة الزمن والطبيعة. لكل هؤلاء، تحية نضالية.
لكل امرأة تستيقظ في الخامسة صباحا لتلتحق بحقول الفراولة، والموز، والخضروات “البكرية والمازوزية”، تحية نضالية. تحية لكن لأننا نأكل من أكتافكن، تحية صادقة كلها تقدير واحترام لامرأة تنحني على الفأس لكي توفر لقمة العيش لأبنائها، تحية لكل امرأة تتكدس في شاحنة رفقة زميلاتها لتقطع عشرات الكيلومترات من أجل “لقمة عيش شريفة” خالية من كل الشكوك.
تحية عطرة لكل امرأة تعمل ليل نهار لكي توفر لـ”رجل عاطل” مصاريف القهوة والتدخين، وتمنحه هامشا كبيرا للتعبير عن رجولة مفترى عليها من خلال “التحكم” في مصير أسرة بكاملها، فقط لأنه “دلوع العائلة”. تحية لكل امرأة أجلت كل مشاريعها الشخصية لكي يعيش الآخرون.
تحية لك أمي، وزوجتي، ولك أختي، ولك يا جدتي، ويا حماتي (اليوم ليس وقت الخلاف لمن لديه خلاف)، تحية لكن لأن هذا الوطن لا يمكن أن يسير برجل واحدة. تحية لنساء الأمن، ولنساء الصحة، ولنساء الدرك والقوات المساعدة، والمصالح العسكرية، ولجيش الموظفات، اللواتي يصنع المدراء والرؤساء. تحية لكن جميعا على معركتكن الشجاعة في مواجهة وباء كورنا، القديم والمستجد.
تحية لنساء الزمن الجميل، اللواتي منحن المغرب هاته النفحة من الحداثة التي تضمن لنا السلام، في هذا الوقت العصيب الذي تجتازه عدة أمم تشبهنا. تحية إكبار وإجلال لأولئك النساء الشامخات اللواتي دفعن ثمن “سوء الفهم” في سنوات الرصاص، وكان ذنب بعضهن “توفير الحماية” لزوج طائش كان يحلم بـ”إسقاط النظام”، قبل أن يقتنع بـ”الديمقراطية” والتوافق والتناوب.
ولأن المناسبة شرط، تحية أيضا لأولئك النساء المتعجرفات، المتمكنات، الحاصلات على الريع السياسي هنا وهناك. فقط لا تنسين أن ما تأكلنه من فاكهة، وزيت الزيتون، ومستحضرات التجميل، قد يكون مصدرها عمل جاد لامرأة لا تتابع بالضرورة أشغال البرلمان، ولكنها تتابع أشغال الجني بتفان منقطع النظير. لكُنَّ كل الورود ولهن كل الشموخ.