قال محمد سليم الورياكلي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية بالمحمدية، إن جائحة فيروس كورونا “قلبت جميع الموازين والمفاهيم والأصنام المالية التي كنا نتشبث بها”.
ولفت الأستاذ الجامعي في مداخلته خلال ندوة عقدت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، الخميس، إلى أن الجائحة العالمية أبانت عن “عودة قوية للدولة، لأن الرأسمالية والمبادرة الخاصة أثبتت عجزها”، مشيرا إلى أن هذا يتجلى من خلال كون “المجتمع والعاطلين والشركات وغيرهم، يطلبون الدولة لدعمهم، وكأن هناك ولادة جديدة للدولة”.
وشدد الباحث الجامعي في هذا اللقاء المنظم بشراكة مع منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، على أن الجائحة خلفت أزمات قانونية ومالية، ذلك أن “المُشرِّع نفسه فلت منه المقود وصارت القرارات المالية تتخذ وأضحت سيادية لا يمكن مناقشتها”.
وأوضح أستاذ التعليم العالي أن من آثار الجائحة على المالية العامة، “كونها أدت إلى تقهقر هذه الأخيرة، وتعليق المشروع التنموي”، مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من المغاربة كانت ستعيش على وقع البطالة بسبب الجائحة “لو لم تكن الدولة هي أكبر مشغل بالمغرب”.
وسجل الورياكلي في مداخلته أن الجائحة أبانت عن عدم نجاعة السياسات العمومية السابقة التي أعلنت إفلاسها، سواء في الصحة أو التعليم أو الشغل، مشيرا إلى أن الرهان على القطاع الخاص أبان على أنه رهان فاشل، “وبالتالي يجب إعادة العلاقات بين العام والخاص عبر محاربة الريع والاحتكار”.
كما أبانت الجائحة للمسؤولين، وفق المتحدث نفسه، على أن القطاع غير المهيكل “قطاع استراتيجي لأنه يوفر العيش لـ15 مليون مغربي، بمعنى أنه يكلف 20 بالمائة من الدخل العام”.
وأوضح أن نجاعة السياسات العمومية “رهينة بقانون المالية، بالتالي يجب تملك الشرعية السياسية، حيث إن البرلمان هو من يجب أن يقرر وليس الحكومة أو جهة ما”.
من جهته، سجل الأستاذ الجامعي جواد لعسري أن مديرية الضرائب ستواجه صعوبات جمة بخصوص انخراط الملزمين في نظام المساهمة المهنية الموحدة الذي تم إقراره.
وأبرز أستاذ المالية العامة، في مداخلته خلال هذه الندوة، أن ما سيعقد الوضعية أمام مديرية الضرائب، “كونها تتعامل مع مهنيين في هذا النظام لهم مستوى محدود، خصوصا في ظل غياب توعية من لدنها وتواصل مع هذه الشريحة”.
ولفت أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية بالمحمدية إلى أن البرلمان يجب أن يتحمل مسؤوليته، على اعتبار أن بعض البنود المنظمة للأحكام الانتقالية على ضوء قانون المالية لسنة 2021، يجب أن تحال على المحكمة الدستورية.
وشدد في هذا السياق على أن “الفاعل السياسي لم يقم بدوره الرقابي في مراقبة النص وإحالته على المحكمة الدستورية؛ إذ لم يتم احترام نصوص الدستور، ويتجلى ذلك في تطبيق القانون بأثر رجعي، ما يعد خرقا للفصل السادس، وكذا في عدم احترام قدرة الملزمين كما هو منصوص عليه في الفصل 39”.
وأردف لعسري أنه “عند تحديد الأساس المفروضة عليه الضريبة بالنسبة للمساهمة المهنية الموحدة برسم سنة 2021، على أساس الواجبات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل، المستحقة في إطار مزاولة نشاط مهني سنة 2020، لم يراع في ذلك كون غالبية المهنيين لم يشتغلوا بسبب الحجر الصحي وكورونا”.
وأوضح المتحدث أن فرض ضريبة نظرية على المهني رغم عدم اشتغاله بسبب تداعيات جائحة كورونا، “أمر غامض من طرف المشرع”، ما يؤكد، بحسبه، “عدم احترام الخصوصية التي عاشها المهنيون، ناهيك على أن الضريبة تفرض على الدخل، وليست ضريبة على دخل لم يتحقق”، وفق تعبيره.