سيارات الإسعاف تخترق معبر سبتة المحتلة بسرعة لنقل أحد المهاجرين المغاربة أصابته طلقة عشوائية وآخرين تعرضوا للاختناق بسبب الغازات المسيلة للدموع. المشهد لم يعد عاديا بالقرب من مدينة الفنيدق، الأمواج البشرية التي تدفقت أمس تجر أذيال “الخيبة” اليوم، بعد الطرد الاسباني من سبتة.

تحولت الطريق الرابطة بين الفنيدق ومدخل معبر “سبتة” إلى ما يشبه “مخيما” مفتوحا على السماء أحكم عليه المهاجرون سيطرتهم، فيما غابت السلطات عن المشهد مباشرة بعدما تم التأشير على دخول أفواج جديدة من المرشحين للهجرة صوب النقطة الحدودية “المشتعلة”.

وقد حاول بعض المهاجرين الذين لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة المرور إلى شاطئ سبتة المحتلة سباحة، من خلال تجاوز السياج الحدودي والارتماء في البحر، لكن الجيش الإسباني كان لهم بالمرصاد، حيث تدخل بقوة وأطلق غازات مسيلة للدموع استهدفت أجساد بعضهم، وهناك من تعرض للاختناق.

ولا يبدو أنّ المهاجرين المرابطين بالقرب من المعبر الحدودي قد اقتنعوا بفكرة العودة والتراجع؛ هم يريدون الوصول إلى سبتة المحتلة ولن تقف القنابل والغازات والاعتقالات أمام هذا الحلم الجارف الذي يسكن بال العديد من شباب المنطقة.

وبالقرب من المعبر الحدودي الذي اكتظّ برجال السلطة والعسكر المغربي، يتم إخراج المزيد من المرشحين للهجرة، حيث تكفلت حافلة وفرتها السلطات العمومية بنقل عشرات المهاجرين من إفريقيا دول الصّحراء، منهم نساء حوامل، بعيدا عن النقاط السّاخنة، فيما استمر في الضاحية الأخرى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المهاجرين.

وشدد الجيش الإسباني مراقبته على كافة النقاط الحدودية المتاخمة للمعبر الحدودي؛ فعلى المستوى البحري، تدخلت فرق الحرس المدني وقامت بمنع العشرات من العبور بحرا صوب النقطة الحدودية. وفي الجو، استمرت طائرة هيلوكوبتر في تمشيط المنطقة ومراقبة الوضع. أما وحدات التدخل الإسباني، فتكلّفت بتفريق المهاجرين الواصلين إلى الضفة الأخرى بالغازات المسيلة للدموع وبالضرب.

مجردا من ملابسه، قال عائد لتوّه من سبتة المحتلة إن الشرطة الإسبانية قامت بتعنيفه وضربه على مستوى وجهه مباشرة. وأضاف وهو محاط بعشرات المهاجرين الظاهر على وجوههم التّعب: “الدعوة بكم لله، لم نعد نتوفّر على شيء، كانت عندي 150 درهما في جيبي عطيتها مول طاكسي جابني، دبا وليت نسعى”.

في الجهة الأخرى، يحاول الأمن المغربي منع تسلل مزيد من المهاجرين إلى النقطة الحدودية التي اكتظت بالمرشحين للهجرة. وأمام تشديد المراقبة، تسلل بعض المراهقين إلى الجبال المحيطة بالمدينة المحتلة، حيث مشوا لكيلومترات قبل أن يصلوا إلى السياج الحدودي، الذي يصل علوه حوالي 5 أمتار.

أما على المستوى الإسباني، فقد استعمل الجيش المدرعات والغازات المسيلة للدموع والهراوات لتخويف الواصلين إلى الساحل المحلي بالجيب المحتل. كما نشرت القوات الإسبانية خلال ساعات الصّباح الأولى من يوم الثلاثاء وحدات عسكرية مدعمة على الحدود مع المغرب، وذلك بعدما حاولت أفواج جديدة الوصول إلى الجيب المحتل.

“أخاي أنا جيت من جماعة فيفي بنواحي الشّاون، الحالة صعيبة، الوالدين ماتوا وبقيت بوحدي في الدار، لم أجد ما آكله، واش نخرج نسعى وأنا شاب في مقتبل العمر، أفضل الموت ألف مرّة على أن أفكر في مدّ يدي لأحد”، يقول مرشّح للهجرة لا يتجاوز عمره 23 سنة.

ولاحظت هسبريس توافد نساء كثيرات من مدن تطوان ومارتيل خلال الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء بحثا عن مصير فلذات أكبادهن الذين قطعوا البحر سباحة قبل أن تعتقلهم قوات الحرس المدني الإسباني، بينما تمكن أزيد من ثلاثين قاصرا من دخول سبتة خلال صباح اليوم.

وتحاول السلطات المغربية، المشكلة من الأمن الوطني والقوات المساعدة، منع دخول مزيد من الأفواج إلى المنطقة الحدودية، بينما يظهر من التراب المغربي أن القوات الإسبانية نشرت مدرعات عسكرية وجنود مدججين بالأسلحة.
وروت امرأة من مدينة الفنيدق أن ابنها، البالغ من العمر 15 عاما، دخل سبتة المحتلة ولا تعرف إلى حدود اللحظة مصيره.

وهناك عشرات النسوة ينتظرن أخبارا مفرحة عن ذويهن، تلاميذ وطلابا وعاطلين، وهم الفئات الأكثر حضورا هنا والمرشحون الأبرز للهجرة.

hespress.com