كأنها ملت من تكرار نفس أسطوانة المديح والتطبيل لما تعتبره منجزات ومكتسبات، اعتزمت الحكومة المغربية أن تنأى بشكل كلي عن ما اصطلح عليه الإعلام بسياسة “قولوا العام زين”، وقررت أن تلامس هموم ومشاكل المواطنين بعيدا عن “لغة الخشب”.

الحكومة قررت لهذا الغرض تخصيص أرقام هواتف مجانية لكل وزير من وزراء الحكومة، حيث سيتكلف فريق من الشباب الحاصلين على شهادات عليا في التواصل بالتعاطي مع مكالمات وشكايات المواطنين، ليتم تحويلها بعد فرزها إلى الوزير المعني بالقطاع الذي يرى المواطن أنه تضرر منه أو لديه شكاوى بشأن أدائه.

وتقول مصادر “بالمقلوب” إنه تم تخصيص يوم واحد في الأسبوع، هو يوم الجمعة، سيرد فيه الوزير نفسه على المكالمات الهاتفية للمواطنين، ويأخذ شكاياتهم وطلباتهم بعين الاعتبار للنظر والبت فيها.

ولتحقيق مزيد من الفعالية، تضيف المصادر المطلعة، سيتم إحداث آلية فعالة عبارة عن لجنة تضم مسؤولين كبارا وسامين في الدولة سوف يراقبون مدى تفاعل كل وزير مع مطالب الناس واحتياجاتهم، ومن ثبت عليه أي تقصير، سوف يتم توبيخه رسميا، وبعد تكرار التقاعس يمكن أن يصل الأمر إلى الإقالة.

وسيرا عل هذا النهج الجديد، فإن الحكومة تعتزم مصارحة الشعب بالواقع كما هو دون رتوشات أو “زواق”، لأن المواطن في نهاية المطاف يعيش هذا الواقع الصعب، ولا ينتظر سوى أن تكاشفه الحكومة ولا تكذب عليه باستيراد واقع وردي لا يوجد إلا في مخيلة المسؤولين.

وبالتالي، تردف مصادرنا، فإنه في كل نهاية أسبوع سيخاطب رئيس الحكومة الشعب المغربي عبر القنوات التلفزية، من أجل الحديث إليه بكل صراحة عما حصل في ذلك الأسبوع من أحداث، وعن حقيقة الأسعار ووضعية الصحة والتعليم.

الحكومة أدركت متأخرة (الوصول متأخرا أفضل على كل حال من عدم الوصل بالمرة)، أن النظام التعليمي في المغرب يعاني من كثرة سياسات الترقيع، فكل وزير يأتي محملا بما يراه خطة تنتشل التعليم من مستنقعه الراكد، لكن دون جدوى، وبالتالي فقد قررت أن تستشير الشعب أولا قبل اتخاذ أي قرارات بشأن ما يمكنه فعله لإنقاذ التعليم المغربي من ورطته.

وأدركت الحكومة أيضا أن قطاع الصحة مصاب بأمراض وعلل مزمنة، وأنه لم يعد هناك بُد من الاعتراف بذلك أمام الناس، فهم من يصطفون طوابير وبالمواعيد البعيدة أمام المستشفيات، وهم من ينامون على أرضيات “الصبيطارات”، وهم من لا يجدون طريقا إلى التداوي. ولهذا تعلم الحكومة أنه يتعين وضع خطة استعجالية لعلاج الصحة العليلة بالبلاد.

“لم يعد هناك مجال لتزييف الحقائق أمام الشعب”، يقولها أحد الوزراء مدوية في التلفزيون الرسمي المغربي، و”لهذا سنطرح جميع هموم ومشاكل هذا الشعب للنظر فيها والبحث عن حلول جدية لها، بهدف الدفع بهذه البلاد إلى الأمام”.

التلفزيون سيمتنع، وفق السياسة الجديدة، عن بث سهرات “هز ياوز” و”ليالي الشيخات” والمسلسلات التركية والمكسيكية، ليقدم برامج تمتح من صميم واقع الناس في الحياة اليومية.

شعار الحكومة صار “وداعا لغة الخشب”.. لكن .. من يجد مثل هذه الحكومة في البلاد ليبلغها سلامي واشتياقي!!.

hespress.com