تحول حنين العديد من المغاربة إلى “أيام الزمن القديم والجميل” إلى واقع ملموس يمارسونه في حياتهم اليومية.
وكثيرا ما كان المواطنون المغاربة، خاصة من كبار السن وحتى من “الجيل المتوسط” الذين عاشوا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، يُبدون حنينا جارفا إلى “أيام زمان”، ويعتبرونها أياما جميلة رغم ظروف العيش الصعبة حينها.
ويقارن هؤلاء تلك الأيام الخالية بالأيام الحالية التي يجدونها فاقدة لكل الأحاسيس الإنسانية العفوية والصادقة، بسبب زحف التكنولوجيا، واندثار مشاعر القرب الوجداني بين الناس، وحتى داخل الأسرة الواحدة.
وسجلت “بالمقلوب” عودة الكثير من المغاربة إلى تلك “الأيام العذبة”، عبر عدة واجهات ومجالات، من مقررات دراسية، وبرامج تلفزية ووصلات إشهارية، وعادات أسرية.
وبخصوص منحى التعليم، تعتزم وزارة التربية الوطنية محاكاة مقررات دراسية تعود إلى “الزمن الجميل”، خاصة “تلاوة بوكماخ”، وهي سلسلة أحمد بوكماخ التي كان تحوي قصصا متفردة محكية بأسلوب بسيط ورقراق، احتفظ بها الأجداد وصاروا يروونها للأحفاد.
الوزارة فطنت إلى أن نصوصا قرائية من قبيل “سروال علي الثرثار ومحب الاختصار”، و”زوزو يصطاد السمك”، و”أحمد والعفريت”، تحمل قيما مغربية أفضل بكثير من النصوص القرائية التي باتت تُدرس لتلاميذ الجيل الحالي.
من جانبه قرر التلفزيون المغربي الرجوع إلى بث برامج إعلامية ومهنية كانت موجودة في “الزمن الجميل”، وأيضا وصلات إشهارية بسيطة وعفوية كانت تنال إعجاب الصغار والكبار.
ولا ينسى المغاربة الوصلة التحسيسية ضد حوادث السير، التي تظهر فيها الراحلة ثريا جبران وهي تجري وتصرخ “واناري .. جابها فراسو”، ولا الوصلة الإشهارية المعروفة بعبارة “خلات البزبوز محلول”.. إشهارات ستعود بقوة إلى شاشة التلفزة المغربية، وفق مصادرنا.
الأمر نفسه سيحصل مع برامج الأطفال، إذ إنه من المقرر أن تتم إعادة بث “رسوم”: “غراندايزر”، و”الليث الأبيض”، و”المنزل الصغير”، و”ماوكلي”. كما سيتم إعداد برنامج سينمائي في مكانة “سينما الخميس” للراحل علي حسن، وإعادة بث مسلسلات خالدة من قبيل “عازف الليل” و”الصمت” وغيرهما..
وحتى بالنسبة للمشروبات الغازية فستمتلئ الأسواق المغربية من جديد بليمونادا “لاسيكون” و”كروش” و”سيم” و”جيدور”، بينما ستتم إعادة الاعتبار إلى لعبة “الغميضة” و”الطرونبية” و”البييْ” التي كانت تلم الأطفال في ألعاب جماعية، عوض دفنهم أحياء وراء “شاشات الهواتف الغبية”.
وفي ما يتعلق بالحياة الأسرية، تعتزم الوزارة الوصية دعم الأسر الممتدة التي تضم الأجداد والجدات والأعمام والخالات، عوض الأسرة النووية التي تكتفي بالأب والأم والأولاد.
أسرة أيام زمان الممتدة أو “الدار الكبيرة” كانت تعيش في وئام وسلام بحضور الجد والجدة أو الخالة والعمة، وكانت تُحَل العديد من المشاكل التربوية في حضن مثل هذه الأسرة، بينما غرقت “الأسر النووية” في دوامات من المشاكل الأسرية، من شحناء وطلاق وفراق وتشرد اجتماعي.