يدلف المعلم إلى القسم بتؤدة واضحة. يقف التلاميذ احتراما وتبجيلا له، قبل أن يأذن لهم بالجلوس ويهم بالشروع في درس “التربية الوطنية” الذي اختار له عنوان “علاقات الأستاذ والتلميذ بين الاحترام والتوقير”.

هذا المشهد قد يبدو غريبا عند كثيرين بالنظر إلى واقع المدرسة العمومية المغربية اليوم، لكنه مشهد واقعي صار موجودا ومنتشرا في أغلب الأقسام والمؤسسات التعلمية بالبلاد، وفي مختلف المستويات والأسلاك الدراسية.

“التلميذ يوقر الأستاذ في القسم وخارج الفصل والمدرسة أيضا. يُقبّل يده عندما يراه، أو على الأقل ينحني له احتراما وهيبة”.

هذه إحدى شروط وبنود الميثاق الجديد المنظم لعلاقة المعلم والمتعلم في المدرسة المغربية، وفق ما اطلعت عليه صفحة “بالمقلوب”.

الميثاق ينص أيضا على أن “التلميذ مطالب بالحضور إلى القسم بزي مدرسي محترم”، في إشارة إلى القطع مع “ملابس الموضة” أو “أزياء المراهقين” المنتشرة من “سراويل جينز” ممزقة، أو تنورات ضيقة و”مقزبة”.

وتذهب توصيات الميثاق إلى أن “التلميذ بات مطالبا بالمواظبة على الحضور، والمشاركة في القسم وفي الأنشطة المدرسية المختلفة”.

ووفق المصدر عينه، فإن المخالف للزي المدرسي المحترم، أو لنظام الحضور والمشاركة الإيجابية، يُعَرض نفسه لعقوبات تبدأ من الحرمان من الدراسة يوما واحدا، مرورا بخفض النقط المدرسية، وصولا إلى حد الفصل من الدراسة.

وركز الميثاق، الذي بدأ العمل به في عدد من المدارس العمومية، على ظاهرة “التشرميل” الذي يذهب ضحيته الأساتذة من طرف بعض التلاميذ الجانحين.

التلميذ الذي يقوم بإيذاء أو تعنيف أو إهانة المعلم سيكون معرضا للحبس مباشرة، بالنظر إلى خطورة هذا السلوك الذي يشيع عدم الوقار والتبجيل بين التلميذ ومعلمه.

وفي المقابل، أفرد الميثاق حيزا أيضا لما يجب على المعلم أو الأستاذ أن يقوم به حيال التلميذ داخل وخارج القسم، حيث صار مدعوا إلى احترام شخصية التلميذ وعدم التنقيص منه بأي حال من الأحوال.

الأستاذ صار مطالبا بدوره بأن لا يرفع يده على التلميذ، لا يضربه ولا ينهره، والعقوبة في حالة الضرورة يجب أن تكون ذات طابع تربوي محض، بعيدا عن التعنيف أو الانتقام.

وحتى لا يتحول القسم إلى حلبة معارك طاحنة و”تحديات نفسية” بين المعلم والتلميذ، أوصى الميثاق بأهمية تواجد الطرفين معا طيلة أسبوع قبل بداية السنة الدراسية في أنشطة وألعاب مدرسية، بعيدا عن أجواء التعليم، حتى يستأنس كل طرف بالآخر، ويفهم كل واحد الثاني عن كثب، لتسهل معرفة مفاتيح الشخصيات.

الميثاق المذكور ختم توصياته بما جادت به قريحة الشاعر أحمد شوقي:

قف للمعلم وفّه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا

أعلمتَ أشرف من الذي .. يبني وينشئ أنفسا وعقولا

صفحة “بالمقلوب” اختلط عليها الحابل بالنابل على ما يبدو، وتتساءل: هل حقا يمكن أن يكون لنا معلم مبجل يقف له التلميذ توقيرا؟

hespress.com