بعد نشر صفحة “بالمقلوب” يوم أمس قصة الحنين إلى أيام “الزمن الجميل”، من طقوس وعادات وبرامج تلفزية ومقررات تعليمية، قررت العديد من المغربيات “التطبيق العملي” لهذا الحنين والشغف بما هو تراثي أصيل، من خلال غزو الشوارع (نهارا حتى لا يخرقن الطوارئ الصحية) بأزياء تعود إلى تلك الفترة من الزمن.
وبعيدا عن “ملابس الموضة” التي تصف وتشف وتكشف أكثر مما تستر من ملابس فتيات ونساء هذا الجيل، اتفقت مجموعات عديدة من المغربيات، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الحديثة، على ترجمة العودة إلى “الأصل والحشمة والوقار”، وفق تعبيرهن، بإحياء ذكرى هذه الأزياء المغربية التقليدية.
وترفض مغربيات “تمييع” أنوثتهن وجمالهن بارتداء الملابس المتداولة بوفرة في محلات التبضع ومتاجر التسوق الكبرى، والتي ــ بحسبهن ــ تعرض أزياء لا تحمل من الهوية والقيم المغربية الأصيلة شيئا، بقدر ما تتبع “الموضة الغربية” في آخر صيحاتها التسويقية.
ومن المرتقب خلال ما تبقى من الشهر الكريم، وحتى خلال يوم عيد الفطر السعيد، أن تظهر في الشوارع المغربية فتيات ونساء بأزياء مغربية تحيل إلى التراث الأصيل، مع حرية أن تلبس كل سيدة الأزياء التقليدية حسب انتمائها وأصلها الجغرافي، صحراوية أو شمالية أو أمازيغية كانت…الخ
مصادر “بالمقلوب” تقول إن “المبادرات المحتشمة” التي سبق أن ظهرت في مدن مغربية قليلة، من قبيل “مسيرة الحايك” بمدينة وجدة قبل شهور عديدة، سوف تتوحد حتى تكون شاملة وعامة في أكثر من منطقة بالبلاد، كما أنها ستستمر أياما ممتدة، لتساهم في إعادة الاعتبار للزي المغربي التقليدي الأصيل.
وهكذا، ستتزين الشوارع المغربية، إلى جانب “اللباس الأوروبي” المتداول، بأزياء مغربية تراثية أصيلة تتوزع بين “الحايك” الذي عُرفت به نساء وجدة والصويرة والشمال أيضا، و”الملحفة” لساكنات منطقة الصحراء المغربية العزيزة، وأيضا اللباس الأمازيغي النسائي بإكسسواراته وحِلِيه الجميلة.
ومثل لوحة تشكيلية جميلة، ستجاور ذات “الملحفة الصحراوية” صاحبة “الحايك” ومرتدية “صاية نتو مغارين” الأمازيغية، في انسجام بديع ينم عن الذوق المغربي الرفيع في الأزياء، بمنأى عن “البهرجة والضوضاء البصرية” التي أحدثتها الملابس الضيقة والشفافة في كل شارع وزقاق وحافلة ومقهى.
وبهذا “التطبيق العملي” للحنين إلى أيام الزمن الجميل، تكون المغربيات اللائي قبلن الانخراط في هذه المبادرة غير المسبوقة، قد ساهمن في إعادة الاعتبار للزي النسائي المغربي التراثي الأصيل، دون مجافاة للمسة “العصرنة” التي يمكن أن تزيد اللباس التقليدي جمالية ورونقا.
وتبعا للمعطيات ذاتها التي حصلت عليها صفحة “بالمقلوب”، فإن الاختلاف الوحيد بين متصدرات هذه المبادرة تمثل في مسألة وضع “اللثام” الذي كانت ترتديه الأمهات المغربيات في زمن ولى، لكن فكرة كون “كمامة كورونا” تلعب دور “اللثام التقليدي” كانت كافية لحسم الاختلاف.