تواجه الجزائر التي تنظم انتخابات تشريعية، السبت، أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية، في ظل نظام فاقد الشعبية يواجه حراكا مستمرا منذ فبراير 2019 ووسط تراجع العائدات النفطية.

اعتماد على المحروقات

بقي النظام الاقتصادي الجزائري اشتراكياً حتى مطلع التسعينيات، ومازال يتسم بتدخل قوي للدولة فيه. وتستخدم إيرادات النفط لدعم أسعار الوقود والمياه والصحة والسكن والمواد الأساسية. وترك انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية تداعيات سلبية كثيرة على الاقتصاد.

والجزائر عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وهي ثالث منتج للنفط في إفريقيا وبين أول عشر منتجين للغاز في العالم؛ لكن اقتصادها تضرر بشدة وبصورة مستديمة جراء تبعات وباء كوفيد-19، إضافة إلى انعكاسات الأزمة النفطية.

وتواجه السلطات أزمات اجتماعية متعددة، تؤججها نسبة البطالة المرتفعة (15%) والفقر الذي لحق بشرائح واسعة من المجتمع.

ماض استعماري

بعد حكم عثماني استمر ثلاثة قرون واستعمار فرنسي دام 132 سنة، أعلنت الجزائر استقلالها في الخامس من يوليو 1962 إثر حرب تحرير دامية استمرت ثماني سنوات.

في سبتمبر 1963، أصبح الأمين العام لجبهة التحرير الوطني أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر المستقلة.

وفي 1965، أطيح بالرئيس وسجن إثر انقلاب عسكري نفذه وزير الدفاع العقيد هواري بومدين، الذي حكم البلاد بعد ذلك بقبضة من حديد حتى وفاته في نهاية 1978، وخلفه العقيد الشاذلي بن جديد، الذي أعيد انتخابه في 1983 و1988 في انتخابات رئاسية كان المرشح الوحيد فيها.

“العشرية السوداء”

في أكتوبر 1988، هزت احتجاجات عنيفة العاصمة الجزائر، حيث أعلنت حال الطوارئ، وتولى الجيش زمام الأمور فأعاد الهدوء بعد حملة قمع دامية، وأطلق إصلاحات سياسية وضعت حدا لحكم الحزب الواحد.

ومع إلغاء الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ في 1992، دخلت البلاد في “العشرية السوداء”، مع اندلاع صراع تخللته مجازر بين مجموعات إسلامية مسلحة وقوات الأمن.

وفي 15 أبريل 1999، وبدعم من الجيش، تم انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا في خضم الحرب الأهلية.

وفي 1999 و2005 دفع إقرار قانون عفو الكثير من الإسلاميين إلى مغادرة الجبال وتسليم أسلحتهم.

وأسفرت الحرب الأهلية بين 1992 و2002 عن سقوط أكثر من مائتي ألف قتيل، حسب حصيلة رسمية.

“الحراك”

في أبريل 2014، أعيد انتخاب بوتفليقة لولاية رابعة بحصوله على 81,49% من الأصوات بالرغم من وضعه الصحي المتردي الذي منعه من القيام بحملة انتخابية؛ فهو بات مقعدا في كرسي متنقل ويعاني من صعوبات في النطق منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013.

وعند إعلان ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في 2019، عم الغضب الشارع.

وانطلق إثر ذلك حراك احتجاجي غير مسبوق في 22 فبراير أدى إلى استقالة بوتفليقة في الثاني من أبريل بعدما تخلى عنه الجيش وعدد من حلفائه.

في 12 ديسمبر، فاز رئيس الوزراء الأسبق عبد المجيد تبون بالانتخابات الرئاسية، لكنّه يواجه بدوره رفض “الحراك” الذي يطالب بتفكيك “النظام” الممسك بالبلاد منذ الاستقلال.

وفي مارس 2021، دعا تبون بعد عودته من ألمانيا حيث تلقى علاجا طويلا إثر إصابته بكوفيد-19 إلى انتخابات تشريعية مبكرة في 12 يونيو.

وبدت هذه الانتخابات بمثابة محاولة من السلطة لاستعادة زمام الأمور في وقت عاد الحراك إلى الشارع بعد توقف الاحتجاجات على مدى عام في ظل الوباء.

وحظر النظام الذي بقي الجيش عماده مسيرات الحراك.

hespress.com