
تعوّل بريطانيا كثيرا على المغرب باعتباره يمثل بوابة نحو إفريقيا ومنصة مفتوحة على الاستثمارات والمشاريع التنموية، خاصة بعد خروجها من التجمع الأوروبي وما يفرض ذلك من بحث عن شركاء جدد وتنويع خارطة التحالفات لتضم دولا جديدة، بعيدة جغرافيا وقريبة من حيث تبادل المصالح والخبرات.
وقد وقع المغرب اتفاقا تجاريا مع بريطانيا عام 2019، استباقا لانسحاب المملكة المتحدة من التكتل القاري لاحتواء التأثير المتوقع لهذه المغادرة الطوعية، تهدف الرباط من خلاله إلى تطوير علاقاتها الثنائية مع لندن، لا سيما على الصعيدين التجاري والاقتصادي.
ونقلت مصادر إعلامية أنه من المحتمل أن يتغير الموقف البريطاني من قضية الصحراء، بحيث شجع الموقف الأمريكي الأخير البريطانيين للخروج من المنطقة الرمادية، وبالتالي دعم خيار الحكم الذاتي، وهو سيناريو من المرتقب أن يحدث تحولا “جذريا” في هذا النزاع، بالنظر إلى علاقة لندن بالنظام الجنوب الإفريقي الداعم للجبهة.
عبد الحميد بنخطاب، أستاذ جامعي متخصص في العلاقات الدولية، قال إن “العلاقات المغربية البريطانية كانت دائما تتسم بنوع من الحميمية والتعاون المكثف على صعيد كافة المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية”، مبرزا أن “هذه العلاقات ظلت مستقرة في الزمن ولم تتأثر برياح التغيرات الدولية، بحكم أن هناك تراكما تاريخيا يرسخ متانة العلاقات بين البلدين”.
وأضاف بنخطاب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المغرب ينظر إلى بريطانيا كشريك استراتيجي في أوروبا لا يقل أهمية عن باقي حلفاء وأصدقاء الرباط، فالأمر يتعلق بقوة سياسية دولية ودولة محورية في مجلس الأمن وعضو مهم في حلف الناتو”، مبرزا أن “بريطانيا تجمعها علاقات متميزة مع أمريكا التي اعترفت أخيرا بمغربية الصحراء”.
وأبرز المحلل ذاته أنه “بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيزداد هامش التعاون مع المملكة؛ بحيث ستتحرك بريطانيا بكل حرية وبسيادة أكبر للدفاع عن مصالحها خارج التجمع الأوروبي”، موردا أن “بريطانيا لا يمكنها أن تتخلى عن شريك استراتيجي كالمغرب، خاصة في قضايا الأمن ومحاربة الإرهاب والتصدي للتوسع الصيني في الساحل الإفريقي”.
وزاد قائلا: “بريطانيا تحتاج المغرب باعتباره قوة إقليمية في منطقة شمال إفريقيا، هذه القوة تستمدها المملكة من قدرتها على مجابهة المخاطر الأمنية المتعلقة بالجماعات المسلحة المنتشرة في الساحل، وكذا من فرص التعاون الاقتصادي المتنوعة والغنية التي توفرها”.