قال عبد العالي بنعمور، الرئيس السابق لمجلس المنافسة، إن مستقبل هذه المؤسسة الدستورية يعتمد على شجاعة أعضائها ورئيسها في مواجهة الممارسات المنافية للمنافسة والضغط الذي تمارسه اللوبيات من أجل الحفاظ على مصالحها.

وأكد بنعمور انطلاقاً من تجربته على رأس هذه المؤسسة، أن تدبير الوضع فيما يخص المنافسة في الاقتصاد المغربي ليس سهلاً إطلاقاً، مشددا على على أهمية تحرك المجلس في مواجهة اللوبيات، قائلا: “هل بإمكان المجلس أن يحارب ويناضل؟ هذا هو السؤال”.

وذكر الرئيس المؤسس لمعهد “HEM” للدراسات العليا بالمغرب أن القانون 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة منح للمؤسسة استقلالية كما نص عليها الدستور، كما أن للمجلس سلطة تقريرية في ميدان محاربة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة ومراقبة عمليات التركيز الاقتصادي.

وطبقاً للفصل 166 من الدستور، يعتبر مجلس المنافسة هيئة مستقلة مكلفة، في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة، بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، خاصة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق ومراقبتها.

وأورد بنعمور ضمن ندوة نظمت في إطار الجامعة المواطنة لمعهد “HEM”، السبت، أن القانون سالف الذكر يُتيح لمجلس المنافسة معاقبة الشركات المخلة بشروط المنافسة الحرة بغرامات تصل إلى غاية 10 في المائة من رقم المعاملات، وهو رقم مهم جداً.

وأشار المتحدث إلى أن مجلس المنافسة لديه أيضاً حق الإحالة الذاتية وسلطة الترافع لدى مؤسسات الدولة وتحسيس المقاولات حول الممارسات المنافية للمنافسة، واعتبر أن مستوى المجلس في مستوى المؤسسات المثيلة له دولياً منذ سنة 2014، تاريخ تعديل القانون المنظم له.

وأضاف أن على عاتق المؤسسة مهمة كبيرة لأن الاقتصاد المغربي يقوم على الاقتصاد الاحتكاري الذي يُمثل حوالي 80 في المائة من القيمة المضافة للاقتصاد، إضافة إلى المقاولات المتوسطة والصغيرة التي يهيمن عليها القطاع غير المهيكل.

ويرى الرئيس السابق لهذه المؤسسة الدستورية أن “مشاكل المنافسة توجد في الحالتين معاً، وهو ما يصعب المأمورية أمام ضغط اللوبيات والقطاع غير الرسمي المعقد”، وزاد قائلاً إن “مهمة مجلس المنافسة في الدول مثل المغرب لا تزال صعبة أكثر مقارنة بما يحدث على المستوى الدولي”.

وعاد بنعمور إلى التذكير بأن مجلس المنافسة قام بدراستين حول المحروقات والأبناك خلصتا إلى وجود مؤشرات عن وجود ممارسات منافية للمنافسة في القطاعين، لكن لم يكن بإمكان المجلس التحقيق حول الأمر وفق المقتضيات القانونية السابقة التي كانت تؤطره.

وبعد سنة 2014، يتابع المتحدث، أعاد مجلس المنافسة دراسة موضوع أسعار بيع المحروقات وتأكد فعلاً من وجود ممارسات منافية للمنافسة وأصدر قرارا السنة الماضية يلزم بعض الشركات بأداء غرامة 8 في المائة من رقم معاملاتها.

يذكر أنه بعد صدور القرار سالف الذكر، القاضي بتغريم بعض شركات توزيع المحروقات بسبب وجود اتفاق بينها على أسعار البيع للعموم، أعلن الملك عن تشكيل لجنة تعيد النظر في الملف بعد ما تلقى الديوان الملكي ورقة صادرة من بعض أعضاء مجلس المنافسة ذكروا فيها أن تدبير هذا الملف اتسم بتجاوزات مسطرية وممارسات مست جودة ونزاهة القرار الذي اتخذه.

ومنذ شهر يوليوز الماضي، تاريخ إعلان الملك عن تشكيل هذه اللجنة، التي تضم رؤساء مجلسي البرلمان والمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للحسابات وبنك المغرب وهيئة الوقاية من الرشوة والأمانة العامة للحكومة، لم يصدر عنها أي تقرير إلى حد الساعة، الأمر الذي جعل قرار التغريم معلقا.

hespress.com