على بعد حوالي 94 كيلومترا من عاصمة جهة بني ملال خنيفرة، توجد جماعة بوتفردة بين عدد من الجماعات الترابية؛ منها تيزي نسلي والقصيبة وأغبالة بإقليم بني ملال، وآيت أقبلي وأنركي وتيفرت نايت حمزة بأزيلال، وإملشيل بإقليم ميدلت على مساحة تقدر بـ708 كيلومترات مربعة تحتل منها الغابة حوالي أربعة آلاف هكتار.

ويقدر عدد سكان جماعة بوتفردة بحوالي 7500 نسمة، موزعة على مركز حضري وحوالي 16 دوارا في مجال يتميز بتضاريس جبلية وعرة.

ويفتقر مركز هذه الجماعة الترابية إلى ما يمكن أن يكون مصدرا للتنمية المستدامة، خاصة على مستوى البنيات التحتية التي تعتبر الطرق والمسالك والصرف الصحي وملاعب القرب من أبرزها، إلى جانب التبليط والترصيف والمرافق الترفيهية؛ ما يجعل شباب المنطقة يعانون في صمت في انتظار مبادرات تنموية حقيقية.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة من طرف السلطات الإقليمية ببني ملال والمجالس الجماعية المنتخبة واستثمار مئات الملايين بالجماعة التي تتوفر على مؤهلات طبيعية مهمة مطلع الألفية الثالثة، فإن مركز بوتفردة لا يزال يشكو من جملة من النقائص التي تؤلف بين دروبه، وتزيد من استياء وتذمر الساكنة في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه.

يقول إسماعيل يوسفي، طالب جامعي يقطن بالمركز: “في بوتفردة هناك شبه إجماع على أن المجالس المتعاقبة على تدبير الشأن العام فشلت، على الرغم من محاولاتها الجادة، في أن تنتشل الجماعة الترابية، ومن ضمنها مركز بوتفردة، من مختلف تجليات الهشاشة المتجلية أساسا في الوضعية الكارثية لمختلف الأزقة وضعف المرافق التنموية”.

وعلى مستوى الصحة، يقول المتحدث إن “المركز الصحي لم يرق بعد إلى تطلعات الساكنة، على الرغم من الخدمات التي يقدمها؛ لأنه يعاني من نواقص، ما يضطر معه السكان إلى التنقل نحو تيزي نسلي أو صوب بني ملال قصد الاستشفاء لتعويض النقص الذي يعرفه مركز بوتفردة”.

ويكمل الطالب الجامعي القاطن بمركز بوتفردة: “هنا في المركز نحتاج إلى صيدلية، ونتطلع إلى تأهيل القطاع الصحي بالموارد البشرية والأدوية، ونرغب في إحداث مشروع الصرف الصحي وملعب للقرب بمعايير الجودة، إلى جانب باقي المرافق الأساسية التي يعمق غيابها من مآسي الشباب ويحول دون تحقيق حياة مستقرة، ونتساءل عن أسباب توقف الأشغال منذ حوالي 6 سنوات في البناية الكائنة داخل سور مؤسسة بوتفردة التعليمية”.

وبعبارات مفعمة باليأس، قال إسماعيل: “الشباب في مركز بوتفردة يموت يوميا بين جدران المقاهي، بسبب غياب فرص التشغيل وضعف المرافق الاجتماعية؛ فالملعب اليتيم الذي كان يستقطب الفعاليات الرياضية تأثر مؤخرا بفعل السيول الرعدية، ما زاد من محنة فئة عريضة تتربص بها مختلف الموبقات الهدامة للذات الإنسانية”.

ومن جانبه، قال مصطفى أخياط، من قاطني المركز، في تصريح لهسبريس، إنه “في الوقت الذي يتحدث فيه سكان قرى جبلية نائية عن إنجاز مرافق ترفيهية ومشاريع مدرة للدخل، لا يزال مركز بوتفردة يعاني مما تخلفه الأزقة والشوارع غير المؤهلة من غبار وأوحال”، لافتا الانتباه إلى أن “هذه الإكراهات تزداد مع موسم التساقطات المطرية والثلجية”.

وفي ظل هذه النقائص التنموية، دعا أخياط شباب المنطقة إلى “الترافع لدى كل الجهات المعنية من أجل تعزيز رصيد الجماعة بمشاريع ذات وقع إيجابي على الساكنة عوض الإسهام في منسوب الهجرة صوب المدن السفلى، بحثا عن فرص الشغل وتحسين الوضعية المادية”.

وأجمع المصرحون لهسبريس على أن جماعة بوتفردة، التي ضخت فيها الدولة مطلع الألفية الثالثة، مئات الملايين من السنتيمات تحتاج إلى إرادة سياسية وإلى منتخبين يملكون جرأة سياسية ورؤية واضحة لتدبير الشأن العام، وليس إلى أشخاص يتقنون “لعبة الانتخابات” عبر تقديم الوعود واستغلال الضعفاء؛ ما يسهم في كل استحقاق في استمرار مظاهر الإقصاء والتهميش.

كما شدد سكان بوتفردة الذين التقت بهم هسبريس على أن هذا المركز لا يزال، على الرغم من المبادرات التنموية الجادة التي قامت بها السلطات الولائية والمجلس على مدى عقدين من الزمن تقريبا، يشكو من ضعف العدالة المجالية، مبرزين أن شباب الجماعة يعيشون وضعا صعبا ويتطلعون إلى مشاريع تنموية من شأنها حلحلة الإشكالات المطروحة.

وفي تعليقه حول واقع مركز بوتفردة، أوضح زايد كمان، رئيس جماعة بوتفردة، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “المجلس الجماعي قام بمبادرات تنموية عديدة ليكون في مستوى تطلعات الساكنة، على الرغم من الصعوبات العديدة التي تواجه المجلس”، لافتا إلى أن هذا الأخير “طرق أبوابا عديدة لإخراج المشاريع ذات الأولوية إلى حيز الوجود، سواء في السنوات الأولى من الولاية الحالية أو في الوقت الراهن”.

وأبرز المسؤول الجماعي ذاته أن جماعة بوتفردة عرفت برمجة وإنجاز مشاريع استثمارية عديدة بمساهمة شركاء عديدين، كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومجلس جهة بني ملال خنيفرة وصندوق التنمية القروية والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء والمجلس الإقليمي لبني ملال.

وحسب زايد كمان، فإن المشاريع المعنية، التي بلغ مجموعها ما يزيد عن 28 مشروعا بتكلفة إجمالية وصلت إلى 90 مليون درهم، تهم مجالات الطرق والمسالك بـ04 مشاريع بتكلفة قاربت 53 مليون درهم، والكهربة القروية بـ08 مشاريع بتكلفة ناهزت 8,5 ملايين درهم، والماء الصالح للشرب بـ06 مشاريع بتكلفة 13,6 ملايين درهم، والتعليم بـ07 مشاريع بتكلفة تجاوزت 13 مليون درهم، والصحة بـ04 مشاريع بتكلفة 1,2 مليون درهم.

وكشف رئيس جماعة بوتفردة أن هناك مشاريع أخرى تنجز على مستوى تراب الجماعة من لدن القطاعات الأخرى كالتجهيز والفلاحة والتعليم والمياه والغابات…، مشددا على أن الوعاء العقاري يبقى من أهم الإكراهات التي تحول دون تنزيل بعض المشاريع؛ من ضمنها ملاعب القرب.

hespress.com