داخل درب الفاسيين بحي الملاح في مدينة فاس، تقع “بيعة صلاة الفاسيين”، أحد أجمل وأقدم المعابد اليهودية بالمغرب، وهي كنيس يعود تاريخ بنائه إلى مطلع القرن 17 الميلادي.

وخضع الكنيس نفسه لعملية ترميم واسعة قبل إعادة افتتاحه رسميا في فبراير من سنة 2013، بحضور رئيس الحكومة المغربية آنذاك عبد الإله بنكيران، وأزيد من 200 شخصية، بينهم، على الخصوص، ممثلو الطائفة اليهودية بالمغرب، ورئيس البرلمان الألماني الذي ساهمت بلاده في ترميم المعبد.

وتشير لوحة معلقة بمدخل الزقاق المؤدي إلى الكنيس إلى أن “بيعة صلاة الفاسيين” خضعت لعملية إصلاح وترميم بمبادرة من شمعون ليفي، الكاتب العام الأسبق لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، والطائفة اليهودية الفاسية، ومؤسسة جاك طوليدانو، ووزارة الشؤون الخارجية في الجمهورية الفيدرالية الألمانية.

وتضيف اللوحة المذكورة موضحة أنه “على الرغم من تدهور حالتها المعمارية وتوظيفها، على التوالي، كورشة لصناعة الزرابي ثم ناد للرياضة، إلا أن هذه البيعة حافظت على هيئتها الأصلية”.

فاطمة الزهراء المجدوبي، المشرفة على تسيير “بيعة صلاة الفاسيين”، قالت لهسبريس إن هذا الكنيس، بعد ترميمه، أصبح يشكل قبلة للكثير من يهود العالم، ومنهم، على الخصوص، اليهود الذين يتحدرون من مدينة فاس، متوقعة أن يرتفع عدد الوافدين عليه عقب استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية.

 وأشارت المجدوبي إلى أن “بيعة صلاة الفاسيين” اتخذت لها هذا الاسم لكونها كانت معبدا مخصصا لإقامة الصلاة عند طائفة اليهود المعروفين بـ”طوشاييم” أو “البلديين”، والذين تواجدوا بمدينة فاس قبل توافد “ميكوراشيم”، وهم اليهود الذين دخلوا المغرب بعد سقوط الأندلس، مبرزة أن الصلاة اليهودية الفاسية “الأصلية” كانت تختلف عن الصلاة اليهودية الأندلسية الوافدة.

وأوضحت المتحدة عينها أن عملية ترميم “بيعة صلاة الفاسيين” أعادت الحياة إلى هذا الكنيس اليهودي العريق، موردة أن القاعة، التي يؤدي إليها مدخل الكنيس والمتصلة ببعض الغرف الصغيرة في الطابق العلوي للبناية، كانت مخصصة للصلوات اليهودية.

“لا زال هذا الكنيس يحافظ على المكان الذي كان يقف فيه الحاخام عند الصلاة، وعلى نسخة من التوراة، وعدد من التجهيزات المخصصة للصلاة اليهودية على الطريقة الفاسية القديمة؛ كالمقاعد الخشبية، والكؤوس التي كانت تخصص للإنارة”، تضيف المجدوبي مبرزة أن جدران وأقواس الكنيس المزينة بالجبس المزخرف، وأرضيته التي يغطيها الفسيفساء المتموج باللونين الأخضر والأبيض، تضفي على داخله جمالا ورونقا.

وأكدت المجدوبي أن يهود العالم، الذين يزورون “بيعة صلاة الفاسيين”، يبدون إعجابهم وفخرهم بمحافظة المغرب على التراث اليهودي القديم، مبرزة أن مثل هذه المعالم تؤكد على تشبع المغاربة بقيم التعايش والتسامح بين مكونيه الإسلامي واليهودي منذ فجر التاريخ.

hespress.com