في رسالة مفتوحة، دعت الحملة المغربية لمقاطعة إسرائيل (بي دي إس-المغرب) جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان إلى “الوفاء لفلسفتها في النهوض بثقافة حقوق الإنسان من خلال السينما”، بإلغاء عرض أحدث أفلام المخرج المغربي الفرنسي كمال هشكار.
وقالت “بي دي إس-المغرب” في رسالتها إنها “صدمت، وأصيبت بخيبة أمل”، عندما علمت ببرمجة عرض فيلم “في عينيك كنشوف بلادي”.
وأضافت: “نعم، محبطون أولئك الذين اعتادوا متابعة برامجكم، وفي نظرهم لم يشهد إلى حد الساعة بتقصير لوفائكم لفلسفتكم في (النهوض بثقافة حقوق الإنسان من خلال السينما)… وبالأخص، لم يشهد بتقصير على الأقل من باب الخطأ في الحكم على الأفلام التي تختارون بثها”، بل “عندما يقوم المرء باستطلاع آراء الأشخاص الذين يحضرون بانتظام العروض التي تنظمونها، والذين يعتبرون حقوق الإنسان قيمة أساسية لهم، فإن التقييمات مشرفة للغاية. لكن هذه المرة، نعتقد أن الكثير سيصاب بخيبة أمل”.
وأوردت الرسالة المفتوحة أن مخرج الفيلم المبرمج للعرض يقف “على نقيض قيم حقوق الإنسان التي تدعون الانخراط فيها”، ويكرس في فيلمه الثاني هذا “مرة أخرى قيم الجماعوية (communautarisme)، التي يرفضها لفظاً لكنه في الواقع مفتون بها”.
وأضافت: “في الواقع، إنه يستمر في إبراز ذاته، وفي الخلط بين تجربته الشخصية في الهجرة، كمهاجر بين بلدين، أحدهما كان يستعمر الآخر في الماضي، من ناحية، وبين نوع من الهجرة التي ينطوي عليها مشروع استعمار في طور الإنجاز، من ناحية أخرى، هو إنجاز يومي في القرن الحادي والعشرين”.
وزادت الرسالة مفصلة: “لا يسعنا أن ننسى أن هؤلاء الذين يحب تصويرهم يحتلون بلداً ليس بلدهم، ويؤدون خدمتهم العسكرية هناك، وينجزون كل عام شهرا من الاحتياط في جيش احتلال. هذا الجيش الذي يرتكب جرائم حرب كل يوم، بالمعنى الدقيق المعطى لهذا التعبير في القانون الإنساني الدولي، في اتفاقية جنيف الرابعة”؛ أي إن “الجميع، بمن فيهم الموسيقيون على علتهم، يحملون السلاح ضد الشعب الفلسطيني وضد شعوب المنطقة”.
هذه الحقيقة، تواصل الرسالة، لا يمكن أن تمحوها “لا حقيقة الغناء بالعامية المغربية، بالدارجة التي لا تتقنها المطربة بطلة الفيلم الثاني، ولا التحدث بلغة المستعمَر، العربية الفلسطينية، ولا حقيقة كونها من نفس بلد المخرج”.
وأكد المصدر ذاته أنه “لا يمكن لهذا كله أن يمحو حقيقة أنها من مستوطنين مستفيدين من دولة استعمارية عنصرية، والتمييزُ العنصري جريمة ضد الإنسانية، وهي دولة تطمح، وهذا مكتوب ضمنيا في دستورها، إلى استبدال السكان الأصليين بمستوطنين”. كما أنها “دولة احتلال استمرت وتستمر، وفي ظل حكومات من كل الألوان، في ممارسة التطهير العرقي دون انقطاع منذ النكبة. وهذه الجريمة لا تنحصر في (تهويد) القدس وحدها، المعترف بها صراحة، بينما هي جريمة ضد الإنسانية حسب القانون الجنائي الدولي (نظام روما).”
وسجلت الرسالة أن “تجاهل معاناة المستعمَر في فيلم تم تصويره في محيط استعماري أمر صادم”، فالمستعمَرون لا يظهرون في الفيلم (…) الحقيقة أنهم غير ذوي صلة: هم غير موجودين… إنه قتل رمزي”.
كما تقول الرسالة إنه لا يمكن تجاهل اللحظة التي اختيرت فيها برمجة هذا الفيلم، وهي “اللحظة التي يمر فيها الشعب الفلسطيني، بسبب الاعتداءات التي يتعرض لها بشكل يومي منذ عقود (…) ولنفكر فقط في خصص مياه الشرب في غزة، المحاصرة منذ 13 عاما. وهي اللحظة التي اختارت فيها الدولة المغربية أن تقرر مد يدها إلى مستعمري فلسطين، واللحظة التي تحاول فيها الدعاية الرسمية خلط المفاهيم من خلال مضاعفة خطاب (التسامح بين الأديان)، على خطى الموقف الصهيوني الذي يمارس استعمار فلسطين تحت تبرير ديني”.
وذكرت الرسالة المفتوحة الموجهة إلى جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان أن اختيار “عرض هذا الفيلم في هذا الوقت يجعلكم جزءا من الدعاية الرسمية للدولة”، وتساءلت: “أهذا (هو) النهوض بثقافة حقوق الإنسان؟”، قبل أن تجمل قائلة: “ندعوكم إلى إلغاء برمجة فيلم السيد هشكار”.