كشفت دراسة حديثة أجراها المركز المغربي للدراسات والأبحاث حول المقاولة الاجتماعية أن جائحة فيروس كورونا المستجد أثرت بشكل كبير على حجم معاملات وأرباح التعاونيات في مختلف القطاعات.
وجاء ضمن الدراسة، التي شملت أكثر من مائتي تعاونية في جهة فاس مكناس، أن أزمة كورونا أثرت سلباً على جميع جوانب إدارة التعاونيات، من النشاط الاقتصادي، مروراً بالربحية، ووصولاً إلى الموارد البشرية.
ووفق النتائج الرئيسية المستخلصة فإن 91 في المائة من التعاونيات التي شملتها الدراسة شهدت انخفاضاً كبيراً في حجم معاملاتها وربحيتها، بشكل يتراوح ما بين 80 و100 في المائة لدى 41 في المائة من التعاونيات.
كما تشير أرقام الدراسة إلى أن 85 في المائة من التعاونيات أعلنت توقيف مستخدميها لعدم توفرها على طلبيات، وهو ما أثر سلباً على وضعية التشغيل، سواء تعلق الأمر بالأعضاء العاملين أو المستخدمين.
مُعطيات الدراسة أكدت أن “وضعية التشغيل في التعاونيات كانت هشة بالفعل قبل الوباء، واستفحلت بعد ذلك بسبب عدم وجود نظام حماية اجتماعية معمم، إذ إن 81 في المائة من التعاونيات التي تم الاتصال بها لا تتمتع بأي تغطية اجتماعية”.
ويختلف تأثر التعاونيات في جهة فاس -مكناس حسب نوعية القطاع والموقع الجغرافي، إذ يبدو أن التعاونيات الفلاحية المتواجدة في المناطق القروية، التي غالباً ما تكون صغيرة الحجم، استطاعت أن تصمد أمام هذه الأزمة بشكل أفضل.
كما رصدت الدراسة صموداً لدى التعاونيات التي تتوفر على أنشطة قابلة للتكييف والتنويع، كما هو الحال لبعض التعاونيات الحرفية التي توجهت إلى تصنيع أقنعة واقية وتعاونيات أخرى لجأت إلى إنتاج مواد معقمة.
وبخصوص الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها السلطات العمومية لمواجهة تداعيات الأزمة، لاسيما برنامج “انطلاقة”، قالت الدراسة إنها “لم تخفف من آثار الأزمة على التعاونيات التي لم تستفد منها بسبب المتطلبات المرافقة لهذه الإجراءات، والتي لا تتوفر عليها جل التعاونيات”.
أما بالنسبة للتدابير التي قام بها مكتب تنمية التعاون فذكر المركز المغربي أنه “على الرغم من طبيعتها المستهدفة، من قبيل دعم التسويق عبر الأنترنيت ومواكبة اعتماد بعض المنتجات، لم يتم تعميمها على جميع التعاونيات”.
وفي ما يتعلق بالخصوصية المرتبطة بالنموذج التعاوني وتأثيراته على إدارة الأزمات وتطوير آليات لمواجهتها والصمود أمامها، أوردت الدراسة أن “التعاونيات القليلة التي حافظت على التضامن بين أعضائها والتعاون مع أقرانها قبل الوباء كانت قادرة على تفعيل إجراءات تضامنية خلال الأزمة، وهو ما يؤكد على أهمية زرع وتطوير المبادئ والقيم التعاونية حتى يتم تفعيلها في أوقات الأزمة”.
جدير بالذكر أن الدراسة تتوخى إطلاع الفاعلين المؤسساتيين على آثار الجائحة على التعاونيات، وقد أجريت في إطار برنامج “DAAM” للسفارة البريطانية بالمغرب، الذي يهدف إلى تطوير القدرات البحثية والتنظيمية للمجتمع المدني.
وشملت الدراسة، التي بدأت في شتنبر من السنة الماضية وانتهى الاشتغال عليها في مارس المنصرم، حوالي 249 تعاونية من جميع الأحجام وفي جميع القطاعات، حيث تم رصد تأثير الجائحة من خلال تحليل متعدد الأبعاد وعبر تصميم منهجي مختلف (كمي وكيفي) بهدف الاطلاع على آثار الجائحة على التعاونيات وتحديد الآليات والميكانيزمات التي تم تطويرها لتجاوز الأزمة.